! ملف علاقي أسود !!
صاحب المعالي والتعالي .. وزير الوزارتين وسفير السفارتين . . ذا المآثر الخالدة .. والآثار الماجدة .. الصادح بأخبارك السرية في شقة الحرية .. وأحلام العصفورية .. صاحب الكلمة المسموعة .. والروايات الفاضحة الممنوعة .. المقدم لروايات الصانعات الماجدات الحافلات .. المنتظر منهن كشف الأسرار المثيرات .. المشجع لهن على قذف المحصنات الغافلات المؤمنات ..
قبل كل شئ يسرني ويسعدني أن أعرفك على نفسي .. أنا أخوك ( ملف علاقي أسود ) .. !:lolesh:
كنت أقبع على رف إحدى المكتبات النائية بحي عليشة ... هادئا هانئا ساكنا .. بجوار إخواني من بني " ملف " .. نرقب كل يوم وجها كئيبا حزينا واجما مكفهرا .. يطلع علينا فجأة فيختطف واحدا منا .. ثم يغادرنا به إلى غير رجعة ..
وقبل أكثر من خمسة أعوام . . حلت لحظة مفارقتي لبني قومي .. وبدأت رحلتي مع خريج جامعي سعودي اشتراني آنذاك .. وقد كنت حينها أخضر مثل خضرة حدائق لندن .. أو قل كحدائق كاليفورنيا التي ساح فيها معاليكم ذات يوم .. يااه ما أجملني يوم خرجت من مكتبتي بذلك اللون الزاهي .. وقد تخرّمت بداخلي صورة بطاقة الأحوال .. والشهادة الجامعية .. " وآمال وآلام ذلك الخريج " .. الذي ما انفك .. ينتقل بي من شارع إلى شارع .. ومن شركة إلى مؤسسة .. ومن وزارة إلى إدارة .. وهلمّ جرّا .. حتى أيقنت أنني لم أسمّ بهذا الإسم " ملف " إلا لكثرة اللفلفة في الشوارع والطرقات ...
ومع مرور الأيام .. وتتابع الشهور والأعوام .. ذهبت عني خضرة لندن .. واضمحلت نضرة كاليفورنيا .. وشحبت ملامحي كما شحب وجه صاحبي .. وتنتفت أطرافي كما تنتفت آماله وأحلامه .. واسودّ لوني كما اسودت الدنيا في وج ..
ذات يوم .. وبعد مشوار حافل في البحث عن عمل .. جلس صاحبي على أحد الأرصفة .. ثم رماني :out:بجانبه .. وأخذ يشتكي لي ويبكي بين يدي .. ثم قال :
تصدق يا " ملف " أنني أنتسب لأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ؟؟
قلت له : أصدق .. ليش لا .. يا حظك .. أنا أنتسب للبنان أكبر دولة مصدرة للـ .... والا بلاش ..
فقال .. وتصدق .. أن البترول سجل أعلى سعر في التاريخ ؟؟
قلت له : كل شئ جائز ..
فقال : وتصدق أن مثلي عشرات الآلاف من الشباب .. ومثلك عشرات الآلاف من الملفات .. بدون عمل ؟؟ :hhheeeart4:
قلت له : يعني .. عشرات الآلاف .. على الأرصفة ؟؟:ANSmile05::ANSmile05:
تنهد بعمق .. وقال : نعم ... نعم ... على الأرصفة .. يسمعون جعجعة في وزارة العمل .. تطحن أحلامهم طحنا .. ثم تذروه في يوم عاصف .. على صعيد من شوك وحسك .. ثم يخرج لهم معالي الوزير ابن قصبويه ضاحكا ويقول لهم : اجمعوا أحلامكم .. ثم وافوني عند أحد أسواق عليشة .. !!
قلت في نفسي : آآآه يا عليشة .. أيام المكتبة .. واللون الأخضر ... الله يسقيك يارفوف المكتبة .. كنتِ أرحم من غبار الرصيف ..
ثم قلت لصاحبي : ومن هو ابن قصبويه هذا ..؟؟ ولماذا أمركم توافونه عند سوق عليشة ؟؟
فقال وعلامات الإحباط ترتسم على وج : ابن قصبويه وأنا أخوك .. رجل أوسد الأمر إليه فتوسده ثم نام عليه .. وطافت به أضغاث أحلام الوزارات والسفارات منذ أكثر من عشري ن سنة .. فلما استيقظ من نومه .. أخذ نفسا عميقا .. عميقا ..
ثم قال : آآآه ... لله درك يا رجاااااااااااء ... فقد كتبتِ ما في النفس .. وحركتِ شجون الفؤاد .. إني أنتظرك يا رجاااء .. أنتظر مستقبلك .. وتحررك . . وانطلاقتك .. وانفلاتك !!
قلت له : وماذا عن سوق عليشة ... لماذا أمركم ابن قصبويه أن تلاقوه هناك .. بعد أن تجمعوا أحلامكم في يومٍ عاصف ؟؟؟
سالت على وجنتيه دمعتان كبيرتان ..
ثم قال : يقول معاليه .. أنه اتخذ قرارا تاريخيا .. وأستصدر أو أصدر أمرا فلكيا .. أهمّ من قرارات الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة واليونسكو وأطباء بلا حدود مجتمعة .. يقضي بتوظيف الفتيات السعوديات الحافلات الماجدات الصانعات :eh_s(14)::eh_s(14):.. لبيع الملابس الداخلية .. والسراويل والسنـ .... نات .. ! !!
قلت : وما شأنك أنت .. ؟؟ فأنت فتى .. ولست فتاة ؟؟؟
قال لي : لا فرق .. فكلانا سائر نحو الدمار الشامل .. أنا ألملم أحلامي فوق الشوك والحسك .. وهي تسير نحو حتفها وهلاكها .. تزاحم الرجال ... بين الملابس والعطور والسراويل .. !!
قلت له : إذن فلم الذهاب إلى سوق عليشة ؟؟؟
قال : يقول معاليه أن هناك فرصة وظيفية شاغرة لحراسة محل ملابس نسائية ... تقدّم لها عشرة آلاف شاب !!!
ثم التقطني صاحبي .. وسارع بي نحو سوق عليشة ... فلما وصلنا .. أخذ يفتش أحلامه المخرّمة في داخلي .. ليتأكد من اكتمال أوراقه .. فوجد أعلاها ورقة بيضاء .. عمره ا ألف وأربعمائة وسبع وعشرين سنة .. وقد كتب عليها بخط واضح جدا
((( إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة )))
الموضوع الاصلي
من روعة الكون