الوسيلة السادسة: إتقان الطفل اللغة العربية.
إن اللغة العربية لغة القرآن هي مفتاح كل العلوم، وكلما قوي الطفل في اللغة كانت قوته سبباً في الخوض في أي علم من العلوم التي يرغب في تعلمه وأحب أن يكسبه. واللغة العربية حفظها السلف الصالح وكانوا يربون أولادهم في البادية حتى لا تضطرب لغتهم، وقد اهتم النبي r بتعليم النشئ هذه اللغة، ومما جاء في ذلك عن ابن عباس t قال: كان ناس من الأسارى يوم بدر ليس لهم فداء فجعل رسول الله r فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة)).
الوسيلة السابعة: ربط الطفل بالمسجد ودروس العلم فيه.
المسجد هو الصرح الذي يبني الأجيال تلو الأجيال من العلماء، ولقد كان وما زال هو المصدر لأجيال باعوا أنفسهم لله وساروا على منهجه يدافعون عنه وينشرون علومه. لهذا عني أطفال الصحابة بالصلاة في المسجد، وطالب النبي r أئمة المساجد أن يخففوا من الصلاة رأفة بالأطفال والأمر الذي يدل على جواز صلاة الأطفال وأخذهم للمسجد وأهمية ربطهم به لكي يشبوا مرتبطين ببيوت الله ولكي يتلقوا في جنباته العلوم النافعة. وما زال الجامع الأزهر حافل بحلقات العلم التي طالما تخرج منها علماء نابهين قادوا الأمة إلى التقدم وإلى المجد. ويقول الشيخ أنور الكشميري: ((قلنا إن المسجد الذي خرج أطفال الصحابة والسلف الصالح قادر أ، يخرج أمثالهم إذا وجه الآباء والأمهات أطفالهم نحو المسجد ترغيباً لا تنفيراً وتحبيباً لا تقبيحاً وتشجيعاً لا تخذيلاً.
ولذلك يجب أن ندفع أطفالنا إلى المساجد، وكذلك يجب على الكبار أن ينصحوا الأطفال في المسجد نصحاً لطيفاً برفق ولين حتى لا ينفر الأطفال من المساجد وحضور الدروس العلمية فيه وصدق من قال: [مجزوء الكامل]
لا يُـــــصــــــنع الأبـــــــطـــــــــــال إلا
فــي مـــســاجدنــا الفــســاح
فـــي روضـــة الـــــقــرآن فــي
ظــل الأحـــاديــث الــــصـــحـــاح
شـــعــب بـــغــيــــر عــقـــيـــدة
ورق يــــذريــــه الـــــريــــاح
مـن خـان ((حــي عـلـى الـصــلاة))
يـخون ((حـي عـلـى الــكــفـــاح))
الوسيلة الثامنة: المكتبة المنزلية الصوتية المقروءة في المنزل.
إن المكتبة المنزلية من أهم الوسائل التي تدفع الطفل للعلم وتساعده في طلبه . والمكتبة الصوتية اليوم من الأشرطة النافعة والديسكات التي تعرض على جهاز الكمبيوتر من أهم الوسائل التي يمكن من خلالها توجيه الأطفال لحب العلم عبر البرامج المعدة لهذا الغرض، والتي تعرض للطفل مبادئ اللغة والعلوم من قرآن وحديث وتفسير وسيرة وغزوات بصورة مبسطة، فعلينا الحرص على ربط الطفل بتلك المكتبة الصوتية، وتعليمه لغة الكمبيوتر لأنها لغة العصر ولأن الكمبيوتر هو البديل الإسلامي لجهاز التلفاز الذي يحمل في طيا ته أخطار تهدد عقيدة الطفل وبناءه العلمي كعالم رباني.
ولذلك على الوالدين توفير الأشرطة اليسيرة أو الديسكات الكمبيوترية التي تساعد في تعويد الطفل على حفظ القرآن والعلوم المختلفة.
الوسيلة التاسعة: استخدام القصة ورواية طفولة علماء السلف في طلب العلم أمام الأطفال.
إن القصة تلعب دوراً كبيراً في شد انتباه الطفل ويقظته الفكرية والعقلية وتحتل المركز الأول في الأساليب التربوية المؤثرة في عقل الطفل لما لها من متعة ولذة. قال الإمام أبو حنيفة رحمة الله : ((الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إليّ من كثير من الفقه لأنها آداب القوم)) وشاهده من كتاب الله: )أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ( .
وقـــوله سبحانـــه: )لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ(.
وهكذا فالقصص من أهم الوسائل لشحذ همة الطفل وتطلعه نحو مستقبل علمي متقدم، ومن النماذج الطفولية لعلماء المسلمين طفولة العالم سفيان بن عيينه:
ذكر الخطيب البغدادي عن أحمد بن النصر الهلالي قال: سمعت أبي يقول: كنت في مجلس سفيان بن عيينه فنظر إلى صبي دخل المسجد، فكان أهل المجلس تهاونوا به لصغر سنه فقال سفيان: )كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ (. ثم قال: يا نضر لو رأيتني ولي عشر سنين طولي خمس أشبار ووجهي كالدينار وأنا كشعلة نار ثيابي صغار وأكمامي قصار وذيلي بمقدار كآذان الفار اختلفت إلى علماء الأمطار مثل الزهري وعمرو بن دينار أجلس بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة ومقلتي كالموزة وقلمي كاللوزة فإذا دخلت المسجد قالوا: ((أوسعوا للشيخ الصغير قال ــ ثم تبسم ابن عيينه وضحك ــ قال أحمد بن النضر: فتبسم أبي وضحك)).
ومن الطفولات العلمية الفذة طفولة الإمام ابن الجوزي وطلبه للعلم:
قال الإمام ابن الجوزي عن الشدائد التي نالته في بدء طلبه للعلم وعن محامد صبره على تلك الشدائد: (( ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو، كنت في زمن الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث وأقعد على نهر عيسى ــ في بغداد ــ فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء فكلما أكلت لقمة شربت عليها وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم)).
وهكذا تروى قصص العلماء بصورة ميسرة للطفل ، وقبل هؤلاء جميعاً معلم العلماء سيدنا محمد r الذي يجب أن تسير مع سيرته بصورة مبسطة تناسب عمر الطفل وكل ذلك حتى يرتبط الطفل بخير قدوة عرفتها البشرية
الموضوع الاصلي
من روعة الكون