--------------------------------------------------------------------------------
لا أظن على مر تاريخ الدراما العربية أنه قد ظهر مسلسل تلفزيوني شد المشاهد العربي تحديدا لمشاهدته مثلما فعل مسلسل باب الحارة، هذا المسلسل الذي غسل عار الدراما العربية التي شوهتها المسلسلات المصرية الممجوجة وكسر غرور أساطين السيناريو والإخراج والتمثيل المصريين الذين حبسونا داخل زواياهم الضيقة بسيناريوهات مكررة وإخراج ردئ وتمثيل متكلف ودوران ممل داخل حبكة ضيقة جدا تركز فقط على الحدث دون أدنى عناية ببعديه الزماني والمكاني وبتفاصيله وجزيئاته الصغيرة بشكل لا يعني شيئا سوى الاستخفاف بعقول المشاهدين.
في المقابل ظهر لنا هذا العمل الفني السوري الخالص مكتملا من جميع النواحي يقدم لنا صورة حقيقية تنقل المشاهد معها للإبحار داخل الحارة الدمشقية القديمة وتغوص به داخل تفاصيلها وأجزائها الصغيرة وتقدم صورة متكاملة للمجتمع بكافة جوانبه السياسية والاقتصادية والعاطفية حتى ليخيل للمشاهد أنه لو عاد به دولاب الزمن إلى تلك الحقبة لربما سيجد نفس الشخصيات ونفس الدهاليز والأفنية والدكاكين والمشربيات والنوافير..
إن أكثر ما لفت نظر المشاهد العربي وأثار إعجابه وغيرته وربما نغص عليه حياته هو صورة المرأة الدمشقية ناصعة النقاء والتي كانت ولا تزال حلما يدغدع مشاعر كل الشباب بمختلف توجهاتهم..
امرأة جميلة ودودة مطيعة لا تجرأ على أن ترفع عينها في وجه زوجها عندما تخاطبه، وإذا خاطبها فلا تملك إلا أن تقدم واجبات الطاعة والولاء في حميمية ظاهرة تشعر معها بأنها تستمتع وتتلذذ بذلك، وكل ذلك بعبارات غاية في الإذعان والتسليم والرضا مثل: أمرك ابن عمي .. إنت تأمر ابن عمي.. متل ما تريد ابن عمي، تستقبل زوجها عند الباب حين يقدم، وتودعه عنده حين يخرج دون أن تستفهم عن سبب خروجه، تدعو له عند الباب، ولا تنسى أن تسأله ماذا تريد أن تطبخ له ذلك اليوم من أطايب الطعام والشراب، ولا تنسى أيضا أن تستأذنه إن كانت تريد الخروج في ذلك اليوم..
بالله عليكم وبعيدا عن الشعارات البراقة والهلس الفاضي ألا تحلمون بزوجة مثل هذه ؟!!!
هل رأيتم أنموذجا مكتملا للمرأة الحلم مثل جميلة بنت أبو عصام مثلا ؟!!
ماذا فعلنا نحن بالمرأة وماذا فعلت بنا ؟!!
الموضوع الاصلي
من روعة الكون