[color=#FF0000]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد و آل محمد
أسرتي الغالية بين ايديكم أضع قصة قصيرة ألفتها من وحي خيالي ***
لا أريد شيئاً سوى أني متلهفة لمروركم وتعليقاكم المحببة ليس أكثر ...
آراء ، انتقادات .. كلها بسعة صدر نتقبلها ..
** ** ** **
- هل نام الصغار ؟
- منذ ساعتين تقريباً
لم أنت واقف هكذا ؟
تقدم بضع خطوات كسيرة متوجهاً إلى غرفته .. توقف والتفت :
- أود محادثتك قليلاً ..
- لا بأس..
دخلت غرفته ذات الفوضى العارمة .. تأملتها بضجر ثم توجهت لترتب
بعض الأشياء في أماكنها إلا أنه تناول ذراعها بيده هامساً :
- دعي فوضتي مكانها أختاه ..
- أنت تهمل نفسك في كل شئ .
- اجلسي دون أن تعتبي .
- ماذا عندك ؟
- ماذا قلت لهم ؟
- من ؟
- أبنائي ..
- انهم ابنائي ..حسناً لا بأس .. لكن ماذا تقصد في سؤالك هذا ..أنا لم أقل لهم شئ .
- أختي أرجوك تحدثي لا تكتمي عني أي شئ .
- لكن عن ماذا أتحدث ؟
بضجر تأملها ثم أعرض عنها بطريقة استثارتها فقالت وهي تحدق به :
- مابالك ؟
- لا حاجة في أن تعرفي مالذي أصابني ...
- لكن لماذا ؟
- لا لشئ فقط لأن ليس بيننا ما يؤهل لذلك
تألمت من كلماته المنصبة عليها وحارت في ارضائه :
- مالذي عساي فعله ؟
- لا شئ
- أخي..
- أنا لست محتاجاً إليك كما أنك لست محتاجة إلي ..
- أنا ؟؟ لست محتاجة إليك ؟ إذاً فلم أعيش و أبنائي في شقتك التي لا تكاد تسعك أم أنني
أساهم في الدخل المادي للإيجار و أنا لا أعلم..
- قلت لك أن هؤلاء أبنائي ..
- وأنا ؟..
ثم صمتت وانسحبت منصرفة مختنقة بعبرتها .. بحثت عن ركن قصي في شقة أخيها
الضيقة ولما لم تجد سوى المطبخ دخلته بهدوء واستندت على الباب بعد أن أغلقته لئلا
يدخل أخوها ويجدها تبكي وهو الذي كان يتعذب حين تنسى هي نفسها وتبكي أمامه في
موقف ما .. بعد ماحدث لها من تفتيت لمشاعرها من قبل رجل لا يستحق معنى الرجولة
ولا يستحق حملها إذ فاجأها في عشية أو ضحاها بقرار الطلاق وحين سألته عن السبب
أجاب بأنه شغوف بالتغيير ووجودها مع الجديدة سيحولها إلى خادمة من الدرجة الأولى ..
جهدت مستندة على الباب لئلا يتسرب صوتٌ لبكاها وقد غيبت من الأحزان .. تناهى الى
مسامعها صوتٌ لخطوات هادئة متقدمة نحوها فابتعدت عن الباب فوراً بعد أن تأكدت بأن لا
آثار لدموعها وذهبت نحو الأواني متظاهرة بترتيبها دخل وألقى نظرة عليها ثم قال بعد
تردد :
- لم وجهك محتقن ؟
لم تجب بل ادعت اللامبالاة .. تقدم نحوها :
- أختي إني أحدثك .
تأملته بعينين جريحتين جعلته يردف :
- آسف لجرحي مشاعرك دون قصد مني .
امتلأت الدموع في عينيها ثم قالت :
- عندي لك طلب بسيط .
- عيناي لك ...
أطرقت :
- أتمنى لو تسمح لي بالذهاب إلى الجمعية الخيرية التي ترعى الأرامل واليتامى ..
صدم :
- لماذا ؟ مقطوعة من شجرة ؟
أم لأن صغارك ناموا جياعاً هذا اليوم وانت لم تعتادي إلا على الرفاهية سابقاً ..
فجأة تجمدت تعابير وجا الحزين حين سمعت كلماته و أخذ منها الألم كل مأخذ وابتسمت
تسخر على شموخ تدعيه لذاتها بينما تستعر جمراتها الأليمة من الداخل ....
لا أحد يفهمني .. وهل أرغب في الرفاهية بعد كسري الذي لاجبر له أبداً .. اني احتاج الى
الحب فقط ..احتاج أن اشعر بأني محبوبة من الآخرين .. احتاج إلى شعوري بالاستقرار
وكوني انسانة .. بشر ..من لحم ودم .. أألم كما يألمون .. أشعر كما يشعرون .. وبالتالي
فإني أعيش كما يعيشون ..
أخي الحبيب ما عندك لا يكفيك وذاتك واني لا أرغب في الإثقال عليك بي وبأبنائي وهذا بدل
أن أسعى لأن اربطك بالزوجة الصالحة جئت بفضيحة (المطلقة) التي لا تزال تأكل آثارها
أخي و إلى يومنا هذا .. هذا وعلاوة على ذهابك وإيابك المستمر من المحكمة كي أضمن
حضانة طفليّ الذي لم تنسَ أن تأخذ حقها من قوانين الحياة الطبيعية فتفصل من عملك
بحجة أن ترددك على المحاكم أمر لا يستبعد وقوعهم في المشاكل اللانهائية و يأتي اليوم
الذي تنفد أموالك كلها فلا تستطيع حتى تغطية نفقات الطعام وتطلب مني أن لا أضحي
أيضاً ..
يجب أن يعيش حياته كما عشت حياتي أنا.. يجب أن لا يتعذب على حسابي أنا ..
أنا التي لا أسوى شيئاً عند ذوي العقول ، فهل مطلقة مثلي تتجرأ وتفرض انسانيتها مثلها
مثل أية فتاة عادية دون مشاكل اني الآن غير البشر فلا يحق لي أن أزحم نفسي في
صفوف البشر المحترمة ..
تندّت عيناها بدموع أليمة بعد أن انفجرت بالبكاء فجأة إثر هذا الموقف الذي صعب عليها
الثبات فيه أصابت أخيها في قلبه المرهف الذي رق لحالها كثيراً و قال بحنان بعد أن
أسندها اليه :
- أنا آسف يا أختي الغالية العزيزة على قلبي .. أنا أعلم بأن كلماتي لا يحكمها عقل أبداً
وطالما تقع كالخنجر المسموم ودائماً لا تراعي مشاعراً لأحد لكن ألا تظنين بأن كلماتك أيضاً
قست علي بعض الشئ ؟؟كيف تؤثرين المكوث في الجمعيات الخيرية وأخوك على قيد
الحياة موجود أم اني لا استحق الشفقة أبداً ..
هدّأها ولمّا هدأت من بكاها وسكنت طلب أن يجلسا في الصالون معاً لأن لديه مايود سرده ..
- أختي الحبيبة اني أحبك حباً يفوق حب الأخ لأخته أنا اعزك فوق ذلك واحترمك بل
واعظمك لصفات أسرتني فيك وبقيت حائراً في كنا وانها حتماً صفات ملكوتية لا يتصف
بها كل الناس وانما ملكة من الله يهبها لمن أراد من خلقه ويسلبها ممن أراد ..
كنت أتردد سابقاً في الافصاح عن اعجابي الشديد بك لكني الآن وحين قررت الإفصاح أراك
تبدلت وتغيرت بل وانقلبت رأساً على عقب .. أختي لو تعلمين أن كل فرد يعيش ويمشي
فوق سطح الأرض لابد له من البلاء ولا بد أن يمر بمنعطفات الحياة كائناً ما كان .. كنت
أأمل أن أصغي الى نصائحك بعد أن أثني عليك و على صفاتك الملكوتية التي أود الإستفادة
منها لكن أجد أن الوضع اختلف تماماً فهذا المنعطف البسيط الذي مررت فيه من بحر حياتك
الممتد اعتبرتيه من أصعب المصائب التي يمكن ان يمر بها المرء و لا يمكنه بعد خوضها
الدخول في معتركات الحياة ابداً ..
أنت مخطأة عزيزتي .. مخطأة كثيراً لم تتوقف الحياة بعد و لم تتوقف على حساب رجل لا
يستحق ان تكوني حزينة بسببه و لا على حساب ان طفليك الغاليين ناما هذه الليلة جياعاً
نتيجة الظروف ..
فجأة ظهر صوتها الكسير :
_ أخي ارجوك لا تظلمني اني لم ابك على حالي الذي تبدل بعد الرفاهية كما تقول أو أنني
كنت ماذا و اصبحت في ماذا .. لا .. أنا .. إني ابكي ضياعي وضياع افكاري في ضياعي
ابكي لأني لا أعلم عن حالي و لا أعلم عن هويتها أبكي لأني ربما رميت بقسوة من البشر
و لم أجد من يحتويني من البشر سواك نعم سواك أخي الغالي أنت الوحيد الذي لم يقصر
في تقديم مساعداته لي على طبق من فضة مكسواً بالامتنان ان انا قبلت لكن شعوري بأني
اثقل عليك و فوق امكانياتك المحدودة يقتلني و يضطرني الى أن أبكي على حالي الذي
أصبح ثقيلا على الآخرين منبوذاً من قبل الباقين .. أبكي على جسدي الذي لم يعد له وطناً
يؤويه .. آه يا أخي دع همي لهمي و دعنا نفكر بهمومك التي اجتمعت عليك بعد مجيئي
المبارك.
ربت على كفها و هو يقول :
_ وطنك ليس سوى وطني الذي أعيشه أما بالنسبة لهمومي فأنا انسان خال منها و الحمد
لله بل ان همي أزيل تماما بعد قدومك المبارك أنت و أطفالي الأعزاء .. كنت سابقا أعاني
من الوحدة المميتة التي لا يعرفها سوى مجربيها بل كنت أمقت المكوث في الشقة لهذه
الأسباب لكني الآن و يعلم الله اني أسعد كثيراً حين أجد نفسي أمام باب الشقة هاماً
بالدخول ..
_ لكن .. خطيبتك التي أردت أن أكلمها بشأنك ثم عملك الذي طردت منه و يأتي دور
سمعتك التي تشوهت فور مقدمي فأصبحت شقيق المطلقة كل تلك لا تعتبرها هموماً
_ هذه منعطفات بسيطة لا تكاد تذكر في خضم الحياة لكن ما أصعب الوحدة و الانسان خلق
بطبيعته الاجتماعية .. المهم خطيبتي _ كما تقولين _ لم تصبح خطيبتي بعد أي لم تحدثيها
حتى تصبح خطيبتي لذا فإني لن أتزوج في الوقت الحالي و لا أرغب في سماع أية
اعتراضات اخية ثم عملي .. سأستأنفه من الغد ان شاء الله
_ حقاً ...؟؟ كيف ...
_ لقد نشرت عدة كروت في هذه المنطقة لتوصيل الطلاب و الجامعيين و غيرهم و أثناء
ذلك طلب مني أحد الآباء مروري على منزله في الصباح الباكر لأقوم بتوصيل ابنتيه إلى
مدرستيهما و اتفقنا على مبلغ جيد جداً استلمه كل يوم...
في الصباح ..
_ أتريدين شيئاً قبل ان أنصرف ..؟
_ انتبه فقط على نفسك
_ لن أنسى أن اشتري بعض الطعام إن تحملنا نحن الجوع فلن يحتمل الصغار
_ لا تكلف نفسك فوق طاقتها ..
فجأة اقبل احد الصغار و ارتمى في حضن خاله ثم قال:
_ خالي لقد قالت أمي بأنك ستأتي لنا بالطعام و الحلوى لكني لا أجد شيئاً
_ حقاً....؟ لقد سألتها عن ماذا قالت لكم قبل ان تناموا ليلة الأمس لكنها لم تخبرني ..
المهم.. سأعود في المساء بالطعام والحلوى شرط أن أحضى بقبلة من ابن اختي الغالي .
خرج من شقته و بابتسامة تشق طريقها في ثغره بعد ان نال ضحكات بريئة من طفليه
العزيزين .
و في المساء حيث كانت تنتظره بفارغ الصبر فلقد تحول ضعف صغارها فجأة إلى أنين
صعقت لأجله فلم تكن تملك سوى ان تسقهم جرعات متفاوتة من الماء كي يهدؤا قليلاً ..
ما به تأخر .. أخي أرجوك لا تقف محتاراً أمام البائع في ماذا يا ترى تشتريه نريد ما يسد
جوعهم فقط لا اكثر ..
_ أمي لمَ لم يأت خالي بعد ...؟
_ سيأتي قريباً يا حبيبي ..
_ ألن ينسى الحلوى ...؟
_ لن ينساها ..
صوت خطوات قرب الباب .. لقد جاء حتماً فتح احد الأطفال الباب بسرعة لكنه فوجئ برجل
الشرطة الذي جاء بخبر لن تحتمله قلوب صغار الدار فضلاً عنها ..
ارتعدت فرائصها و هي تُسَلم علبة الحلويات التي كانت بحوزة أخيها حين كان في طريقه
لإسعاد أطفالها ..
دارت بها الدنيا و لم تسعها أحزانها الوليدة .. استسلمت لكونها خلقت للأحزان و المآسي و
هل هذه أيضاً منعطفات بسيطة يا أخي الغالي الذي رحل دون عودة.. ؟ .. أم أنها هموم
يمكننا التقاضي عنها مع اللحظات..
أخي هذه المرة لم أتجرع سوى مسلبات الحياة و دواعي و جودها .. أخي لا أظن أن ذاتي
ستعيش بعد ذلك اليوم الذي نُبئت بك و ليتني عدمت قبلها ..
** ** **
بعد الأيام المـــرة ..
_ هيا صغاري لنذهب ..
أحدهم أردف :
_ لكن .. إلى أين يا أماه ...؟
_ إلى.. إلى الجمعية الخيرية
تمت
اختكم
شرقاويه وافتخر
الموضوع الاصلي
من روعة الكون