بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحج لا يكفر الذنوب التي لم يتب منها صاحبها:
يجب العلم أن الحج لا يكفر الذنوب التي لم يتب منها صاحبها فالمقيم على
ذنب ما لم يتب منه، وهو مستمر فيـه، فإن الحج لا يكفر ذنبه، وإنما الحج كفارة
وأجر للعبد التائب إلى الله الراجع إليه، الراجي
رحمته وعفوه، والذي أقلع عن ذنوبه
الكبار إقلاعاً لا رجعة بعده.
والدليل على ذلك ما رواه الإمام مسلم رحمه الله بإسناده إلى عبدالله بن مسعود
رضى الله عنه قال: قال أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم
: يا رسول الله: أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟! قال صلى الله عليه وسلم:
[أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤاخذ بها، ومن أساء أخذ بعمله في الجاهلية والإسلام].
وفي رواية أخرى: [قلنا يا رسول الله: أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟
قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية
ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر].
هذا مع بيان النبي صلى الله عليه وسلم أن الإسلام يهدم ما قبله كما
في حديث مسلم أيضاً أن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال:
[.. فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت:
ابسط يمينك فلأبايعك فبسط صلى الله عليه وسـلم يمينه.
قال: فقبضت يدي. قال صلى الله عليه وسلم: [ما بالك يا عمر]
قال قلت: أردت أن اشترط. قال صلى الله عليه وسلم: [تشترط بماذا؟]
قلت: أن يُغْفر لي. قال صلى الله عليه وسلم: [أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟
وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله]. انتهى
فمع أن الإسلام يهدم ما كان قبله إلا أن من أساء في الإسلام جوزي بعمله السيء
في الإسلام، وما كان قبل الإسـلام. فمن كان يشرب الخمر مثلاً ويزني في جاهليته
، وحال كفره، فإنه إن دخل في الإسلام حط الله عنه وغفر له
ما كان قد سلف منه من هذه المعاصي، ولكنه إن عاد إلى الزنا وشرب
الخمر في الإسـلام جوزي بعمله الأول والآخر، وكذلك الحال فيمن له معاصٍ
لم يتب منها قبل الحج فإن الحج يهدم ما كان من هذه المعاصي إلا أن يكون
هذا الحاج مقيماً على معاصيه مستمراً فيها فإن الحـج لا يهدم ما كان قبله
في هذه الحالة، وهذا يعني أن الحج لا يفيد إلا التائب من الذنب
، والعائد إلى الله، الراجع إليه المقلع عن ذنوبه،
وأما المقيم على معاصيه وذنوبه المستمر فيها فإن
الحج لا يهدم ما كان قبله في هذه الحالة
الموضوع الاصلي
من روعة الكون