من أكثر المظاهر العصرية انتشارا استخدام الهواتف النقالة وبشكل تجاوز كل حدود التصور ، فقد أصبحنا نجد الهاتف النقال بيد الناس في مختلف الأعمار ، فنجده بأيدي الكبار والصغار ، الرجال والنساء ، نجده بيد من يحتاج فعلا إلى استخدامه لأغراض مختلفة وهامة ، كما نجده بيد من يستخدمه فقط كمظهر من مظاهر الرفاهية ، وقد استغلت الشركات المصنعة لهذه الهواتف هذا الأمر في تقديمها لنماذج وموديلات جديدة تطرح في الأسواق في فترات زمنية قصيرة مما يحقق لها بلايين الدولارات .
أجرى الباحثون مجموعة كبيرة ومتنوعة من الدراسات العلمية الطبية عن أهم المخاطر التي من الممكن أن تصيب الإنسان الذي يستخدم الهاتف النقال بشكل كبير ، لكن هذه الدراسات لم تستطع أن تثبت بشكل قاطع أن الهاتف النقال أو المحمول هو سبب لإصابة الإنسان ببعض الأمراض الخطيرة ، وما زال الهاتف النقال يثير جدلاً واسعًا بين الأوساط العلمية المختلفة ، ومنها دراسة أمريكية جديدة قام بها الباحث " هنري لي " في جامعة واشنطن الأمريكية ، فقد أشار هنري لي في دراسته إلى أن الأمواج القصيرة جدًّا الميكروويف تزيد من إفراز هرمون داخلي من زمرة الكورتيزول ، كما يمكن أن تطلق المورفين الداخلي .
تؤكد نتائج هذه الدراسة العلمية التي قام بها هنري لي أن هناك تأثيرا للهواتف النقالة في كيميائية الخلايا الحية ، كما تشرح الدراسة لماذا تجد حيوانات التجارب صعوبة في التعلم ؛ وذلك لأن إفراز هذا الهرمون مرتبط بالتعرض لنوع من التأزم الداخلي ، سواء عن طريق ارتفاع درجة الحرارة أو الألم ، كما أشار الباحث جون تيترسيل من بريطانيا في دراسة علمية أخرى إلى أن الهواتف النقالة تؤثر في كهربائية الدماغ لفترة زمنية قد تطول أو تقصر حسب المدة الزمنية التي يتعرض لها الإنسان للأمواج القصيرة ، واستناداً إلى هذه الدراسة فقد منعت بعض الشركات استخدام الهواتف النقالة لدى أصحاب المهن التي تحتاج إلى تركيز كبير ومستمر .
لقد حدث تضارب كبير في الآراء حول تأثيرات الهواتف النقالة على الجسم في الفترة الأخيرة ، فقد فشلت ثلاث دراسات جديدة أجريت على الفئران في إثبات وجود علاقة بين سرطان الدماغ واستخدام الهواتف النقالة ، هذا بالرغم من أن إحدى المجموعات بينت سابقاً أن نسبة حدوث الإصابة بمرض السرطان تزداد بمعدل الضعف لدى حيوانات التجارب ، ويبدو أن النتائج الجديدة شجعت بعض العلماء على التحدث عن دراسات سابقة لم تنشر في المجلات العلمية ، فقد زعم فريق علمي بقيادة " وليام روز " في مركز الطب البيطري في لوما ليندا بولاية كاليفورنيا الأمريكية أن الأمواج القصيرة يمكن أن تقلل نسبة حدوث هذا المرض ، لكن الدراسات أثبتت أنها نتائج خاطئة ، بل أشارت هذه الدراسات إلى أن نسبة حدوث السرطانات اللمفاوية والدماغية يمكن أن تزداد بشكل واضح لدى الذين يستخدمون الهاتف النقال لأكثر من 20 دقيقة دفعة واحدة في كل اتصال .
قد يؤدي تباين النتائج بين الدراسات العلمية بشأن مخاطر الإصابة بالأمراض الخطيرة بسبب استخدام الهواتف النقالة إلى تكهنات كثير ، من هذه التكهنات الخطأ العلمي أو الإحصائي أو استخدام عدد قليل من الحيوانات ؛ حيث لا تظهر صورة واضحة للنتائج ، أو يمكن أن تعود ببساطة إلى نتائج موجهة ، خاصة أن بعض الدراسات تتم من قبل الشركات المصنعة للهواتف النقالة ، فقد ذكرت الدراسات الحديثة في المعهد الوطني للعلوم الفيزيائية في بريطانيا أن تأثير الهواتف النقالة على الدماغ يختلف من جهاز إلى آخر ، كذلك يختلف حسب وضعية الهوائي المعلق في الهاتف ، فتكون التأثيرات أقل إذا كان الهوائي مرفوعًا ، وبينت الدراسات أن استخدام سماعة الأذن التابعة للهاتف النقال قد تقلل من وصول الأمواج إلى الدماغ بمعدل 90 في المائة ؛ لذلك ينصح باستخدام السماعة .
تشير دراسة أسترالية حديثة قام بها كل من الدكتور " هوكينج " والدكتور " ويستر مان " إلى حدوث اضطرابات عصبية في أحد المرضي نتيجة لاستخدام المحمول لفترة طويلة ، وقد تسبب هذا الاستخدام الطويل للهاتف النقال في فقدان هذا الشخص للإحساس بصفة دائمة في الجانب الذي تعرض للهاتف ، إلا أن هناك دراسات بريطانية بقيادة " ألان بروك " من جامعة بريستول تشير إلى أن تعريض الإنسان للهاتف النقال لفترة زمنية محددة يزيد من سرعة استعادة المعلومات من الدماغ على المدى القصير ، وكانت هذه النتيجة غير متوقعة ؛ إذ وجد أن استجابة الناس لأسئلة مطروحة على الكومبيوتر أفضل لدى مستخدمي الهواتف النقالة بنسبة 4 في المائة ، وعلق الأطباء على أن نتائج الدراسة الجديدة لا يسقط احتمال أن يقود استخدام الهواتف النقالة إلى الأعراض الجانبية التي ذكرتها قبل لحظات فسرعة استدعاء المعلومات تعود إلى سرعة السيالة العصبية أو التيار الكهربائي في القشرة الدماغية ، خاصة في المناطق المسئولة عن اللغة والإبصار .
ومن الدراسات غير المتوقعة حول تأثير الهواتف النقالة على الجسم ، دراسة " ديفيد بوميرايا " وفريقه العلمي في جامعة نوتنغهام البريطانية ، سلط ديفيد بوميرايا الأمواج القصيرة جدًّا على نوع من الديدان الصغيرة المعروفة للعلماء من الناحية الفيزيولوجية والتشريحية ، وقد وجد ديفيد أن الأمواج القصيرة تزيد من نمو الديدان الصغيرة بمعدل 5 في المائة ، مقارنة بالديدان الأخرى ، وهذا يعني أن الهواتف النقالة يمكن أن تزيد من الانقسام الخلوي ، وبالتالي تزيد من المخاوف الخاصة بحدوث الأمراض الخطيرة تبعا لذلك.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون