المسج ..وألـم سج في حياتنا

الحمام الزاجل وما لعبه من دور بريدي بهدف التواصل بين الشعوب تحنط في ذاكرة التاريخ .. ولم تصلنا عنه سوى حكايات مهترئة على غرار " حكايا ما قبل النوم " مختلفة عنها بأنها بعد النوم..!
ولان النوايا سابقاً كانت حسنة " على ذمة ما ورثناه من قيم "! لم يطوَ دور الحمام الزاجل إلا رغبة في تسهيل التواصل ..فكان لاختراع الهاتف الثابت دوراً بارزاً في التواصل ، واحتفاءًا بما حققه من نجاح كان لا بد من استنساخ آخر...ولكنه متنقلاً هذه المرة

بعد مرور أعوام على بدء الألفية الجديدة...أصبحنا أكثر قرباً على بعد مشاعرنا / تلاحمنا/صلة أرحامنا..وحتى جيراننا الملتصقين بنا..! ولا عجب إن قلت على بعد غرفة .!!

حروف متقاربة مشاعر( لايهم أن تكون صادقة) ..فهي من غير ملامح لربما تكون فاضحة أحياناً كثيرة..!

وضغطة زر..فقط...لنتواصل عبر ( مسج )..!
نعبّر عن مكنونات أنفسنا عبر المسج... نتخاصم ... نتنافس...نلقي تحية الصباح ..ومثلها في المساء
نستقبل التهاني عبر المسج..! ، نقدم التعازي عبر المسج..! البنت تستأذن أهلها الخروج عبر المسج.! الإبن يخبر أهله بأنه على سفر عبر المسج...! ..نفتح ذراعي الوارد لاستقبال نتائج الثانوية العامة عبر المسج..! ولا نهاية للقائمة..!
..! بالمسج ستـُـوفر نقود وتـُـقطع أرزاق.. فلا حاجة إلى طوابع بريدية ولا إلى ساعي بريد

عبر المسج ..للتوفير حظ وفير
الحبيب يركل حبيبته عبر المسج فهي في نظره أرخص من بضعة دراهم..! الحلاق يعلن عن أسعار خاصة لزبائنه عبر المسج..! البقال سيلغي هواتف البقالة ليستقبل الطلبات عبر المسج...كخدمة جليلة للمستهلكين..!

وحتى يكون للمسج دوراً أبرز..ستعمد شركات الهواتف النقالة إلى تطوير منتجاتها..ولا عجب بالغد..!

غداً ... سيكون المجال مفتوحاً للبكاء عبر المسج..! ولن يصعب على شركات الهواتف النقالة إضافة زر تقطير الدموع بمجرد سماع نواح..! ...وهو ما يغني عن كسر الخواطر وجهاً لوجه..!

هناك مسج ناطق...وقائمة خيارات لمجموعة وفيرة من الأصوات .. لن نضطر بعدها إلى تحريك عضلات اللسان..!

غداً سيزداد سعر المسج تعويضاً عن فواتير المكالمات..!

غداً... سيكون الوقت أطول... آذاننا ستصبح مهجورة الأصوات..تقطنها أشباح الصمت ..والعيون ستتضاعف مهمتها..!




وإن غدا لناظره مـُـريب..!

الموضوع الاصلي  من روعة الكون