شعر الدكتور/ عبد الرحمن بن صالح العشماوي
صَـبــراً فـأُفْــقُــكِ بـالــمــودَّةِ مُـفْــعَــمُ
مـهـمــا تـطــاول بـالـخـيـانــةِ مُــجــرمُ
صـبــراً ريــاضَ الــحُــبِّ أنـــتِ قــويّــةٌ
باللهِ، يـمــنــحُــكِ الأمــــانَ ويَــعــصِــمُ
مـــا دام فــيــكِ مـكــبِّــرٌ، ومــهــلِّــلٌ
لــلـــهِ ربِّ الـعـالــمــيــنَ يــعــظِّـــمُ
اللهُ أكــبـــرُ مِــــنْ تــآمُـــرِ غـــــادرٍ
وأَجَـــلُّ مــمَّـــا دبَّــــروه ونــظَّــمــوا
هــذي الـحــوادثُ يــا ريــاضُ، جـريــمــةٌ
بـمـيـاسِــمِ الـشَّـبَــحِ الـمُــمــوَّه تُــوْسَــمُ
شَــبَــحٌ غــريــبٌ لا تـــراه عـيــونُــنــا
يـمـحــو ويـكـتُــب فــي الـظَّــلامِ ويُـبْــرِمُ
مــا زال يُـرسِــلُ مـــن رســائــل غـــدره
مـــالا تـغــيــب رُؤاه عــمَّــن يــفــهَــمُ
مـــا زال يــرحــل فـــي دروبِ خـيــانــةٍ
إحـسـاسُــه كـالـلّـيــل فـيـهــا مُـظْــلِــمُ
تـلــك الأسـاطـيــلُ الـكـبـيــرةُ، عـنـدهــا
خَــبَــرٌ، ولــكــنَّ الـمــبــلِّــغَ أَبــكَـــمُ
يـا سُــوءَ مــا يـجـنــي عـلــى أوطـانـنــا
بَــغْــيٌ مُــريــبٌ غــامــضٌ مـتــلــثِّــمُ
مـتــجــاوزٌ لــحــدودِ شـــرع إِلــهــنــا
مــتــطــاولٌ مـتــحــامــلٌ مُـتــكــتِّــمُ
أيـــن الـتــديُّــنُ مـــن فــريــقٍ واهـــمٍ
بـفــم الـتـنـطُّــع والـغـلــوِّ يُـهَـمْــهِــمُ؟
مــن ســـوء نـيَّــتــه تــدفَّــقَ بَـغْــيُــه
حُـمَــمــاً، بــهــا أفــكــارُه تـتـفــحَّــمُ
صـنـعـتْ بــه الأَيــديْ الـخـفـيَّــةُ لُـعـبَــةً
دمــويَّــةً تــهــذي بــمـــا لا تــعــلــمُ
أَسْـمَــى مـقـاصــدِه الـخــروجُ بـشُـبْــهــةٍ
رَعْــنَــاءَ فـــي وُجــدانـــه تـتــحــكَّــمُ
يـمـشــي، ونــارُ الـحـقــد فــي أَعـمـاقــه
تـغـلــي، وفــي دمــه الــعِــداءُ يُــزَمْــزِمُ
رَشَّــاشُــه لــغــةٌ تُــحــدِّث كُـــلَّ مَـــنْ
يـدنــو إلـيــه، وعـــن هـــواه تُـتــرجــمُ
قُـطِـعَــتْ حـبــالُ الــوُدِّ مــن إِحـســاســه
والــوُدُّ حَـبْــلٌ بـالـقـطـيــعــةِ يُــصْــرَمُ
أيــنَ الـمـحـبَّــةُ والـوئــام مـــن امـــرئٍ
قــــاسٍ، إذا حـيَّــيــتَــه يــتــجــهَّــم؟!
أيــن الـتـحـيَّــةُ والــســلام مـــن الـــذي
بـتـحــيَّــةِ الـمـتــفــجِّــراتِ يُــســلِّــم
يـالـيـتَــه حـيَّــا بــهــا الأعـــداءَ فـــي
حَــربٍ يَـنــال بـهــا الـشُّـمــوخَ ويَـغْـنَــمُ
يـالـيـتــه رفــع الـغِـشــاوةَ كـــي يـــرى
مـــالا يـــراه الــغــافــلُ الـمــتــوهِّــمُ
أَوَمــا لـديــهِ مــن الـضَّـمــيــر بـقــيَّــةٌ
تَـثـنــي هــواه الـمُـسْـتَــبِــدَّ وتَـخْــطِــمُ؟
أولـيــس يـفـهــم سِـــرَّ قـــولِ نَـبــيِّــه:
لا يـرحــم الـرحــمــنُ مَـــنْ لا يَــرْحَــمُ؟
أَوَمـــا كـفــانــا غَـــدْرُ شـــارونَ الـــذي
يـهـتــزُّ شــوقــاً لـلــدِّمــاءِ ويَـبْــسِــمُ؟!
أوَمـــا كـفــانــا أنــنــا مـــن حـقِّــنــا
فـي قُـدْسـنـا الـغـالــي عـلـيـنــا نُـحْــرَمُ؟
أوَمــا كـفـانــا فــي الـعــراق جـريــمــةٌ
فـيـهــا قـوانــيــنُ الـعَــدالــةِ تُــهْــزَمُ؟
أوَمــا كـفــانــا جُـــرْحُ أمـتــنــا الـــذي
أمـسـى عـلـى الـجـسـد الـضَّـعـيـف يُـقَـسَّـمُ؟
أوَّاه مـــن نــظــراتِ طــفـــلٍ خــائـــفٍ
وجـــدارُ غــرفــةِ والــديــه مُــحَــطَّــمُ
فــي مـقـلـتـيــه تـســاؤُلُ الألـــمِ الـــذي
جـرتْ الـدمــوعُ بــه إلــى مَــنْ أجـرمــواً:
مـا ذَنْـبُ طـفـلٍ فــي حـقـيـبـتــه اِلْـتَـقَــى
قَــمَــرُ الــبــراءَةٍ صـافــيــاً، والأَنْــجُــمُ
مـاتَ الـجـوابُ عـلـى صـدى الـصــوتِ الــذي
بِــدَوِّيِــهِ كُــتُــبُ الـخـيــانــةِ تُـخْــتَــمُ
يــا ضـيـعــةَ الإصــلاحِ حــيــن يــقــودُه
قـلــبٌ بـــلا حـــس، وفــكــرٌ مُـعْــتِــمُ
يــا ضـيـعــةَ الإصــلاحِ حــيــن تــقــودُه
كــفٌّ تَـعــوَّذَ مـــن أصـابـعــهــا الـــدَّمُ
صَـبْـراً ريـاضَ الـحــبِّ، لّـحْــنُ قـصـائــدي
يـجــري إلـيــكِ، وخَـيْـلُـهــنَّ تُـحَـمْــحِــمُ
صَـبْـراً، فـروضـتُـكِ الـحـبـيـبـةُ لــم تــزلْ
صُــوَرُ الـتـلاحُــم فــي ثــراهــا تُــرْسَــمُ
مـا زلــتِ لـلـتـغـريــدِ غُـصـنــاً يـانـعــاً
مـهـمــا بــدا فـيــكِ الـغُــرابُ الأَسْــحَــمُ
قـولـي لـمـن ركـبـوا عـلــى مَـتْــن الــرَّدَى
هـيـهــاتَ، مَــنْ ركــبَ الــرَّدَى لا يَـسْـلــمُ
تـوبــوا إلــى الـرحـمــن تَـوْبَــةَ صـــادقٍ
فالله أَرْأَفُ بــالــعـــبـــادِ وأرحَــــــــمُ
إنَّ الــدَّم الـمـعــصــومَ يـبــقــى جَـــذْوَةً
فــي كــلِّ وجــهٍ لـلـخـيــانــةِ، تُــضْــرَم
صَـبْــراً ريـــاضَ الــحُــبِّ، إنَّ لُـجــوءَنــا
لــلــهِ ســـوفَ يَــصُــدُّ مـــالا نَـعْــلَــمُ
لا تـجــزعــي مـــا زال أمــنُــكِ وارفـــاً
نـحــيــا بـــه مـتـآلِـفــيْــنَ ونَـنْــعُــمُ[/font]
الموضوع الاصلي
من روعة الكون