متطرفون بسوريا يستهدفون مناطق حساسة للفتيات بحرقها بالأسيد
برزت في الأونة الأخيرة حوادث اعتداء لافتة على فتيات في العاصمة السورية دمشق، تعرضن خلالها إلى رشّ الأسيد على الأجزاء السفلية من أجسامهن، ما دفع أحد شيوخ دمشق إلى الدعوة لإنشاء "لجنة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لمتابعة أمور الحشمة وغيرها، رافضا فكرة "رش الأسيد" على الفتيات.
إلا أن أحد أبرز علماء سوريا، وهو الشيخ الدكتور صلاح كفتارو، رفض فكرة إنشاء لجنة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، معتبرا أنه "لا يجوز إكراه الفتيات على وضع الحجاب أو غطاء الوجه"، كما ربط بين هذه الحوادث وتسلل ما أسماه "فكر متطرف ومغالي من خارج سوريا إلى عقول بعض الشباب السوريين".
إحدى الضحايا تروي قصتها
وتمكّنت "العربية.نت" من الاتصال بأحدث ضحية لـ"عمليات الرش بالأسيد"، وقد فضّلت ريم ذكر اسمها الأول فقط، لتروي ما تعرضت له في طريقها من كلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق، التي تدرس فيها، متوجهة إلى منزلها.
فتقول: " أثناء سيري في شارع مزدحم قريب من منزلنا، القى أحدهم سائلا على (فخذي)، فتوقعت أن يكون قهوة ساخنة، ولكن السائل لم يبرد. تفحصت البنطال جيدا فوجدت أنه أسيد، فبادرت لوضع القليل من المياه حتى لا يتمدد، ولتخفيف تركيزه لتفادي تسربه إلى جسمي. لكنه تمدد قليلا، ومع وصولي للبيت كان بنطالي قد تمزق كله".
وتابعت "لم ألمح الشخص الذي قام بهذا الفعل، لأن الشارع كان مزدحما جدا"، ولفتت إلى أن هذه الحوادث انتشرت مؤخرا في دمشق. وقالت "لكن كل من يصل للبيت بسرعة، ويضع مياها سيمنع الأسيد من دخول جسمه، فيكون الحرق خفيفا".
وترجّح ريم أن تكون مادة الأسيد قد وضعت في حقن زجاجية، مؤكدة أن الفتاة التي تلبس جينزا عاديا يتمزق فورا، أو يدخل الأسيد بسرعة إلى جلدها ويحرقه.
وقالت إن لباسها ليس مغريا وهو عادي جدا "عبارة عن بنطال وقميص، لكن "لم يكن يخطر على بالنا أنه سيحصل معنا هذا في دمشق. الآن صرت أكثر حذرا ".
دعوة لإنشاء "أمر بالمعروف" بسوريا
وقد أثارت هذه الحوادث اهتمام المراقبين ووسائل الاعلام في سوريا، حيث نشرت شبكة "سيريا نيوز" الإخبارية المحلية تحقيقا عن هذه الحوادث، ونقلت دعوة الشيخ السوري أحمد رمضان إلى إنشاء لجنة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للحفاظ على الحشمة.
وذكرت الشبكة أن القاسم المشترك لجميع الضحايا نفسه وهو أن الفتيات يلبسن البنطال الجينز، ورمين بالأسيد عن طريق السيرنك الطبي (الحقنة) الموجه إلى المناطق السفلية من الجسم.
وفي اتصال مع "العربية.نت" قال الشيخ أحمد رمضان، وهو خطيب بمسجد الشيخ رسلان في منطقة باب توما، إن رش الفتيات بالأسيد "ليس وظيفة شخص، لأن هذا عمل يؤدي للفتنة" رافضا أن "يكون الاصلاح عبر أذية المرأة".
وأضاف "الناس الذين يهمهم صفاء البلد يجب أن يوكلوا أناسا آخرين، ينهوا ويأمروا ويحرصوا على أن المرأة يجب أن تظهر بكل حشمة وأدب، وهذه لجنة تكوّن من قبل الدولة".
وتابع "التصرف الشخصي إيذاء، والأمر بالمعروف له طرق ومقدمات ونتائج معينة.. وهذه الأمور تحتاج لإصلاح ولكن ليس إصلاحا يؤذي المرأة مثل الأسيد".
كفتارو يرفض فرض الحجاب
إلا أن الشيخ صلاح كفتارو، وهو نجل مفتي سوريا السابق أحمد كفتارو، رفض إنشاء لجنة للأمر بالمعروف في سوريا، كما رفض "فرض لباس معين على الفتيات"، وربط بين حوادث رش الأسيد على الفتيات وما أسماه "تسلل الفكر المتطرف من خارج سوريا إلى عقول الشباب السوريين".
وقال لـ"العربية.نت" متحدثا عن هذه الحوادث: "هذه أعمال إجرامية وشيطانية يعاقب عليها القانون ويتبرأ منها الدين. إذا كانت المرأة سافرة أو خرجت عن أداب اللباس فهذا لا يعني أن نعاقبها أو نرمي عليها ماءا ناريا، لأن الأصل ما أكدته الآية (لا إكراه في الدين)، فكيف نكره النساء على وضع الحجاب أو غطاء الوجه. هذا لا يقره الدين ولا الانسانية ولا الحضارة العربية".
وأضاف "بلاد الشام، لا سيما سوريا، اشتهرت بالوسطية الدينية، من خلال مدارسها وعلمائها. لكن بدأ يتسلل إلينا الدين المتطرف والمتعصب المستورد من خارج سوريا، وبالتالي لا بد من أجندة ترشّد الخطاب الاسلامي وتدعو العلماء لمواجهة أي فكر متعصب أو مغالي".
وقال "المجتمع الديني السوري بعيد عن هذا الفكر المتطرف، ولكن للأسف بدأ يتسلل إلينا هذا الفكر من خلال شباب يعملون تحت الطاولة في الظلام وسنقف في مواجهتهم".
ورفض الشيخ صلاح كفتارو الدعوة لإنشاء لجنة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في سوريا، وأوضح "لا نحتاج لهذه اللجان طالما هناك جهات دينية رسمية في البلاد ممثلة بوزارة الأوقاف وإدارة الافتاء العام"، خاتماً بالقول: "لا يمكن أن نكره الناس على أن يقولوا لا إله إلا الله، فكيف نكرم على لباس أو زيّ معين".
الموضوع الاصلي
من روعة الكون