ولا علاقة لنوبات الغضب عند الأطفال " بسوء السلوك "، وليس
لها إلا القليل من العلاقة مع " اضطراب المزاج " بالمعنى المفهوم .
إن نوبة الغضب الحقيقية هى عبارة عن انفجار عاطفي ينتج عن
خيبة أمل عارمة للطفل ...وهى بهذه الصورة خارج نطاق تحكم الطفل
فى نفسه . وإذا كانت هذه النوبات تغيظك ، وتسبب لك الضيق والإحراج
فأنها كذلك مخيفة جداً بالنسبة للطفل
® ® الدوافع ونوبات الغضب ® ®
كل طفل يولد وفى داخله حافز ذاتي ودائم يدفعه ليتعلم ، ويمارس
وينجح فى آلاف المهام الصغيرة التى تساهم فى نموه . فعندما يصل
الطفل إلى سن دخول المدرسة ، فستحاول الأسرة والمدرسة دفعه
إلى تعلم لغة أجنبية مثلاً ... ولكن لا يحتاج الطفل إلى من يحفزه ليتعلم
المشي... إنه يفعل ذلك من تلقاء نفسه حالما يصبح مهيأ لذلك
جسمانياً ونفسياً . وعندما يبدأ الطفل فى محاولات المشي، فأنه
يستمر فيها دون كلل أو ملل حتى يحقق النجاح .
وفى حين أن كل طفل يولد بهذا الحافز الذى يدفعه إلى التعلم ، فإن
الأطفال يختلفون من حيث سرعة الغضب الذى يتملكهم حين يفشلون
فى الاستجابة لهذا الحافز ، ومدى عنف رد الفعل الناتج عن ذلك الفشل .
فمن الأطفال من يستمر فى صبر ودأب فى محاولة حل مشكلة ما ،
ومنهم من يستسلم للفشل بسرعة ... ومن الأطفال من يعترف فيما
بعد بفشله وينتقل بلباقة وهدوء إلى القيام بعمل آخر ، ومنهم من يتأثر
كثيراً بالفشل الذى يدفعه لأن يعبر عن ذلك بصرخة أو نوبة غضب .
وبالطبع فإن خيبة أمل الطفل وقوة احتماله تختلفان من يوم إلى يوم،
ومن مرحلة إلى أخرى . ومما يجدر بنا أن نتذكره هو أن الطفل الذى
أصيب بالإحباط، وانطلق بالصراخ نتيجة لما أصابه ، إنما يفعل ذلك لأنه يحاول ،
والمحاولة هى طريقه إلى التعلم .
® ®أسباب نوبات الغضب ® ®
يصاب الأطفال بخيبة الأمل حين يتطلعون للقيام بأعمال لا يستطيعون
أداءها وتثير هذه الأشياء شعورهم بالإحباط لأنها لا تتم كما يودون .
كما أن الآباء يثبطون عزم أبنائهم لأنهم يحاولون عادة ممارسة بسط
نوع من التحكم الكامل عليهم ، وهو أمر يتعارض مع إحساس الطفل
بضرورة نيله الاستقلال الذاتي . وهذه مرحلة تبدأ عادة بعد سن الثانية ،
وتكتنفها نزعات كثيرة فى داخل الطفل لأنه يقع فى تناقص بين النزعة
إلى الاستقلال ، وحاجته إلى المساعدة من أمه.
وأى محاولة تبذلها الأم فى هذه المرحلة للتحكم بشكل مباشر فى
تصرفات الطفل ، تقود إلى نوبات الغضب... فمن المحتمل أن يقاوم الطفل
فى هذه المرحلة محاولة أمه إلباسه ملابس معينة أو إجباره على تناول
طعام معين ، أو حمله على الذهاب إلى فراش نومه إذا لم يكن يرغب
فى ذلك ... وإذا شعر الطفل بأن أمه تستخدم قوتها ، أو ذكاءها لتهزمه ،
فأنه سيثور وتنتابه نوبة من الغضب .
® ® تفادى نوبات الغضب ® ®
لا تستطيع الأم تفادي نوبات الغضب عند الأطفال ، وذلك لأن مدى
خيبة أمل الطفل تكون خارج نطاق سيطرتها . أما إذا كان طفلك من
النوع الهادئ ، ويملك القدرة على احتمال ما يسبب له الإحباط ...
عندئذ ففى وسعك أن تبقى نوبات الغضب لديه فى أدنى مستوى
لها بتدريب نفسك على التعامل مع تلك الصعوبات التى ترافق نمو
طفلك من رضيع إلى مرحلة الطفولة، وبتعلمك السلوك بلباقة
ومهارة فى الأوقات التى تتحسسين فيها شيئا من الخطر الذى
يهدد الطفل . ويجب على الأم أن تحاول إشعار الطفل بأنه يتحكم
فى أموره ، كما أن من حقه أن يختار الطعام الذى يريد أن يأكله .
وعلى الأم أن لا تحاول إعطاء أوامر مطلقة لا مجال للتراجع عنها ،
لأن مثل هذه الأوامر لا تنتج إلا المشاكل ...ويجب ترك منفذ للطفل
لكى يهرب منه من تنفيذ الأمر ، دون أن يجرح كرامته . ويعنى ذلك ،
غالباً ، إيجاد عذر يبرر موقف الطفل ، أو يصرف نظره إلى موضوع آخر .
ويجب على الأم أن تعامل الطفل باحترام تماماً كما تعامل الشخص
الراشد ... فإذا لمس شيئا ليس من المفروض أن يلمسه لا ينتهر
ولا يزجر ، ولكن يلفت انتبا برفق إلى عدم الإضرار بما يلمس أو
عدم تعريض نفسه للأذى 000 وإذا فشل الطفل فى القيام بعمل
ما فلا يجب أن تندفع الأم فى غضب محاولة عمله بدلاً عنه ... ومن
الممكن أن تريه برفق كيف يقوم به بنفسه .
الموضوع الاصلي
من روعة الكون