شاشات الفضائيات مساحة لمشاهد الدم والقتل...شباب سوري خائف: كم أصبح الموت قريباً!
صور الموت الشنيعة التي باتت تحتل بكثافة شاشات الفضائيات تركت أثراً غريباً من نوعه في أذهان الشباب السوريين على اختلاف مواقفهم وتطلعاتهم.
أُكره الجميع أن يعيشوا هذا الحضور القريب للموت، فكثيرون ممن اعتادوا ممارسة السلبية واللامبالاة، لم يعد في إمكانهم تجاهل هذا الشكل المباشر والصارخ من القتل والاغتيال الذي يقدمه الإعلام. «لم نعد نسمع سوى أخبار العنف والاغتيالات، حتى احتلت نفوسنا من دون أن ندري، انّه أمر مؤسف حقاً»، تقول طالبة جامعية بأسى وتضيف: «صرت على غير العادة، أتابع المحطات الإخبارية يومياً، قبل أن أذهب إلى الجامعة، وأنا مترقبة وخائفة، ربما يمر اليوم من دون جرائم جديدة».
يؤكد زميلها هذا الأمر، قائلاً: « لم نعتد أن نرى صور القتل واضحة بهذا الشكل. اعتدنا أن نسمع عنها فقط. ويبدو أن الفارق شاسع بين سماع تطورات ما يحدث من جهة ورؤية شخص كان حياً البارحة وأصبح في لحظة جثة هامدة أو محروقة».
وتتعجب مايا: «لا أصدق كيف يتسع العالم لكل هذا الشر، أشعر بأنني في خطر، اننا جميعا في خطر». أما أحمد، فيقول ساخراً: «صار الجميع في البيت لديه تعلق غامض في سماع الأخبار، حتى أختي الصغيرة لم تعد تبدي احتجاجاً كبيراً عندما نحرمها من متابعة مسلسلها المكسيكي. كما تراجع اهتمام شقيقي ماجد وحماسته لشراء وقراءة الروايات البوليسية لأرسين لوبين وأغاثا غريستي، وقد فقدت قدرتها على الإثارة والتشويق!».
لماذا؟ لأي ذنب؟ من المستفيد؟ ما هي آخر التحقيقات؟ أسئلة بدأت تجول في خواطر الكثير من الشباب والشابات في محاولة جدية للحاق بسرعة الأحداث ومسك خيوط تطوراتها العشوائية ، بينما البعض يخفف من وطأة ما يحصل محاولاً تصوير الأمر كأنه بعيد عنه تماماً، ليطمئن نفسه ويزيل القلق الذي يعيشه. «طالما كان العالم يضجّ بالجرائم البشعة وطالما كان مجتمعنا في مأمن»، يقول رامي واثقاً، ويضيف:» الفارق الوحيد هو أننا بتنا نشاهد صوراً مباشرة وحية للتفجيرات والقتلى».
لسليم وجهة نظر مختلفة: «كنت أعتقد دائماً بأن وضعنا آمن وبعيد من كل ما يحدث حولنا وفي العالم. أما اليوم، فأشعر بأننا في قلب الحدث وهذا أمر لا يمكن تجاهله». يعزز صديقه هذا الرأي غاضباً: «بات كابوس الموت يلاحقني هذه الأيام، كما لو أنني أعيش في دوامة رعب».
مشاهد الدم وبشاعة أساليب القتل، واستسهال تداولها كأنها خبر عادي، وحتى التفاخر في متابعة الصور الأكثر ترويعاً عبر الإنترنت وتعميمها، عكست حالة توتر وضيق لدى بعض الشباب. هذا التوتّر بدا واضحاً في تعاملهم مع الآخرين، أهلاً وأصدقاء. إذ كثرت المشاجرات وردود الفعل الحادة والسريعة، لتتحول خلافات صغيرة وبسيطة مناوشات ومشاجرات. فلا عجب اليوم أن يتطور تباين آراء بين طالبين في الجامعة إلى مهاترة فمشادة غير مفسرة أو مبررة قد تنتهي إلى شتائم وعراك.
الشباب السوري الذي غالباً ما كان بعيداً من سخونة الحدث ومكتفياً بتحصيله العلمي وهمومه الاقتصادية والاجتماعية، بدا اليوم أكثر قدرة على الكلام رغم الخوف والقلق الذي يعتمره. فقد شجعته أعمال العنف والجرائم الأخيرة على المشاركة وزادت من مساحة مسؤوليته، وأصبح للنقاشات والآراء التحليلية مكان في السهرات والجلسات اليومية وإن كان لا يزال خجولاً ومتحفظاً بعض الشيء. «الوضع كله غير مطمئن، الله يستر» كما يقول أحد الطلاب الجامعيين لأصدقائه ممن يشاركونه مشاعر الخوف والقلق هذه. ويضيف: «لا أدري كيف عمت الفوضى. لا أدري كيف أصبح الموت قريباً، قريباً إلى هذا الحد ؟!».
مع تحياتي اخوكم بدون مسمى
الموضوع الاصلي
من روعة الكون