السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
**الحج موسم الذكر والدعاء**
أيها المرتحل إلى بيت الله الحرام إنك إذا جاهدت نفسك جهادًا محكمًا منظمًا فإنه
يدفعك إلى يقين راسخ في القلب عميق وسيعرج بك بإذن الله إلى الدرجات العاليات
في مقعد صدق عند مليك مقتدر، ويجب عليك الإكثار من الذكر في جميع مناسك
الحج، فإن أثر الذكر في القلب يعرج بك إلى قمة الإيمان، وهذا هدف من أهداف
التكاليف الإسلامية، ترقى بالنفوس إذا هي اعتصمت بطاعة الله إلى معارج القدس
لتلقى جزاء الطاعة والإنابة سعادة واطمئنان قلب وحلاوة إيمان، وقد قال
تعالى: "فاذكروني أذكركم".
وفي الصحيح قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم.. قال الله -عز وجل: "من
ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه"
وذكر الله ليس لفظاً باللسان والقلب غافل إنما هو الشعور بالحق -سبحانه وتعالى-
ووجوده والتأثر بهذا الشعور تأثراً ينتهي إلى طاعة في حدها الأدنى.
والشكر لله درجات تبدأ بالاعتراف بفضله والحياء من معصيته.. وتنتهي بالتجرد
لشكره والقصد إلى هذا الشكر في كل حركة بدن وفي كل خفقة قلب.. وفي كل
خطرة جنان.
وانظر معي يا أخي الحاج إلى آيات الحج في سورة البقرة كيف حولت جميع مناسك
الحج إلى مواسم كلها ذكر وإنابة وابتهال ولزوم باب الله -عز وجل- يقول سبحانه
وتعالى:
"الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في
الحج، وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا
أولي الألباب" (سورة البقرة: أية 197).
والزاد هنا للجسد وللروح والتقوى زاد القلوب والأرواح.
ثم يقول سبحانه وتعالى للحجيج: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر
الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث
أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم" (آية 198، 199),
ثم يبين سبحانه ما يجب عليهم بعد قضاء مناسك الحج من شكر وذكر لله على
نعمته إذ وفقهم وأعانهم على أداء هذه المناسك فيقول سبحانه: "فإذا قضيتم
مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في
الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" (آية 200، 201), ثم يقول
سبحانه بعد ذلك مباشرة آمراً بالذكر والتقوى لله: "واذكروا الله في أيام معدودات
فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله
واعلموا أنكم إليه تحشرون" (آية 203).
وبعد أيها الحاج هل رأيت موسماً للذكر والاستغفار والتوبة والتقوى أعظم من
هذا؟! إنه الاتصال بالأفق الأعلى واستمطار العون من الله سبحانه وتعالى
الموضوع الاصلي
من روعة الكون