وجدت دراسة طبية أن الشيخوخة الطبيعية تؤدي إلى تراجع أداء الدماغ، حيث يصعب باضطراد على مختلف مناطق الدماغ الاتصال ببعضها البعض.
فقد قام باحثون من معهد هوارد هيوز الطبي بجامعة هارفارد باستخدام تقنيات تصوير متقدمة لتفحص أدمغة 93 متطوعاً بصحة جيدة، أعمارهم بين 18 و93 عاما، ووجدوا أن التراجع في وظيفة الدماغ طبيعي حتى بغياب إصابة خطيرة بمرض ألزهايمر.
ويعتقد فريق البحث أنه قد التقط إخفاق الاتصالات خلال الفعل الإدراكي، فكلما تقدم الناس في السن تتراجع حزم محاور الأعصاب بالدماغ. وكذلك مادة الدماغ البيضاء، وهذه بدورها هامة وحيوية لنقل الإشارات فيما بين خلايا الدماغ بعضها البعض، ومناطق الدماغ أيضا.قنوات اتصال الدماغ
يقول الباحثون إن دراستهم أظهرت أن التراجع الإدراكي في الشيخوخة قد يكون له صلة باضطراب الاتصالات بين مختلف مناطق الدماغ.
والدماغ يتكون من مناطق مختلفة تقوم بوظائف الذاكرة والإدراك ومعالجة المدخلات (المعلومة) الحسية، والأداء التنفيذي، وحتى التأمل الداخلي أو التفكير.
تتصل هذه المناطق ببعضها عبر شبكة من قنوات المادة البيضاء، والتي تساعد الدماغ على تنسيق وتبادل المعلومات بين مختلف مناطقه.
وفي حين يعرف العلماء جيدا الكثير عن بيولوجية التراجع (المتعلق بالسن) للمادة البيضاء في الدماغ، إلا أنهم لا يعرفون كيفية تأثير ذلك التراجع على وظيفة الإدراك.
وتشير المجموعة البحثية إلى أن التواصل أو الحديث المتبادل بين مناطق مختلفة يشبه مكالمة هاتفية مشتركة بين عدة أطراف.
اختبارات إدراكية
ونظر الباحثون في أدمغة المتطوعين الشباب (أعمارهم بين 18 و34 عاما) والمتطوعين المسنين (60 – 93 عاما).
فقد أدى المتطوعون اختبارات لقياس قدراتهم الإدراكية بما في ذلك الذاكرة والأداء التنفيذي وسرعة معالجة المستجدات، بينما كانت نشاطات مختلف مناطق أدمغتهم تفحص بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).
وأظهرت خرائط التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي مستويات تدفق الدم في مناطق معينة بالدماغ، مما يعكس زيادة نشاط تلك المناطق المنشغلة بمهام عقلية أو إدراكية، كالبت فيما إذا كانت كلمة ما تمثل حيا أو جمادا مثل كلب أو منزل. وهي مهمة تتطلب من المشاركين معالجة ذات معنى للكلمات، كما أوضح الدكتور بكنر.
وأظهرت أدمغة المتطوعين الشباب قدرا كبيرا من التواصل العصبي المتين بين مختلف مناطق أدمغتهم، ولكن الباحثين أرادوا معرفة ما إذا كانت الشيخوخة تخفض هذا التواصل في الفئة الأكبر سنا من المتطوعين.الشبكة الافتراضية
ونظر الباحثون بصفة خاصة في جزء من الدماغ مسؤول عن معالجة معلومات من العالم الخارجي أي "الشبكة الافتراضية" التي تنشط عندما نتأمل في المعلومات الخارجية. ويُعتقد أن هذه الشبكة تعتمد على منطقتين في الدماغ تربط بينهما ممرات المادة البيضاء بعيد المدى.
ووجد الفريق البحثي فرقا كبيرا في مستويات نشاط هذا الجزء من الدماغ بين الشباب والمسنين من المتطوعين. فقد لاحظوا أن مقدمة الدماغ كانت متواكبة أو متزامنة تماماً مع مؤخرته لدى الشباب. وهو ما لم يلاحظ لدى المسنين، فقد كانت مناطق أدمغتهم غير متزامنة وأقل ترابطاً ببعضها.
يُذكر أن المسنين ذوي الترابط الطبيعي أو المرتفع بين مناطق الدماغ حققوا نتائج أفضل في الاختبارات الإدراكية أيضا.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون