بغداد ، يا رجلا ً ..
( ..الذي وقع من صاري السفينة هل رأيته ؟
أنا قد رأيت
نادراً·· مسحوب الأوتاد··
والذي مات موتاً فجائياً هل رأيت ؟
والمستلقي في فرات الليل يشرب ماء صافياً··
والذي قتل في المعركة هل رأيته ؟
أبوه وأمه رافعي رأسه·· وزوجته تبكي عليه ··
هل رأيت الذي رُميت جثته في البرية ؟
هل رأيت الذي لم تجد روحه من يرعاها ؟
أنا قد رأيت··)·
* من مرثية جلجامش – الملحمة*
(1)
قالت صاحبتي القادمة من ضفة دجلة الخير:
تركتهم هيكلاً عظمياً باهتاً هشاً··
قلت: لكنهم يقاومون الهلاك والفناء·
قالت: ها نحن أمام تعري الروح والقلب، وجرار الصبر معبأة بالصبر، ففاض واندلق وجعاً على الضفتين·
قلت: وبغداد ..؟
- ليس أكثر من عصفور صغير مذبوح، بقي زغبه يتطاير على أغصان القلب··
قلت : أما زالت تحمل لحنها الحزين وألوانها التي كانت·· ؟
شاحت بوجا··
رحلت والصوت يجيء:
يا حادي العيس··
عرّج كي·· أودعها ، أودعه .
لن يعرّج حادي العيس··
راح الوداع مع الظمأ··
فالبيداء أصعب مما نشتهي
يمتد ذاك السراب البعيد،
فلا الماء ماء، لا،
ولا الزراع زراع·
لم أغمض العين·· قالت ،
لن·· خشية أن يصحو الجبناء على وجعي ··!
آآآ..ه
يا وجعي ..
(2)
حبل
حبل طويل ..
حبل طويل جداً ..
حبل طويل جدا ً وسميك ..
.. حبل طويل جداً وسميك جدا ً ..
أفضل ألف مرة من حذاء جاء من البحر ..! (*)
ليلة أمس الأول،
فجر أمس الأول ..
فجر الفجر
ما ذهبت إلى السوق لأشتري أضحيتي ..
ما ذهبت
ما ذهبت
كنت في تلك اللحظة داخل موتي ..
رأيت سيدة كصاحبتي ..
تجلس على تلة من خراب كصاحبتي··
تحمل ، بقايا دمعتين كصاحبتي ··
·· ورأيت اللهم اجعله خيراً،
رايتني ،
أنا الذي لم تبكه غوائل الدهر من قبل··
أبكي من بؤبؤ القلب ،
لعله البكاء الأخير يا صاح، يا أناي ،
أنا لم أعرف رغم عتيّ العمر معنى البكاء ··
لأنه فوق المتاح ،
فوق مساحات العقل ·· لعله،
0
حبل طويل يا سيدي ..
هل كان خاتمة البيع ....؟
هل كان رأسك ثمن العراق ..؟
هل كان العراق ثمنك ..
0
قالوا من أحب إليك .؟
قلت العراق
ثم العراق
ثم العراق
لأنك أنت العراق
وأنت العراق
وأنت العراق
0
من الذي باع واشترى ..؟
من باع وطنا بحذاء
الحذاء لا يشتري وطنا
لا يشتري كفنا
0
الآن ،
يبحثون عن كفن
أو عن حذاء ..
0
من علق الحبل
من برَمَهُ
من اشتراه
من دفع ثمنه
من قاسه
من أمسكه
من علقه
...
من الذين أفزعتهم
فغطوا وجوم
من الذين في الأسفل
لم تعرهم لفتة منك
من الذين تصارخوا
فقتلتهم بالشهادتين
من الذي باعك
يا رجلا في عراق
يا عراقا في رجل ..
00
·· ربما، كان يدرك خاتمته التي ما طالت ،
لكنه ، ربما، نظر حوله·· فرآنا··
·· وقف فوق تلك الخشبة ،
قيل: ربما الانتقام صارا ثقافة يومية ··
قال: نحب أن تكون هاماتنا إلى فوق·· لا نأبه الموت ··
قلت : أنه يقطع القلب··
والجنازات لا تسخن إلا لحظاتها السوداء،
وتبقى الحسرة معششة في القلوب والأوردة والجدران·
فتبقى البيوت على حالها··
بدمها المستباح وحزنها المقرر··
تبقى البيوت في كل الاتجاهات
تبحث عن رجولتها ..
·· فانظر يا صاحبي ··!
وانتظر ..
(3)
يسأل سائل من أهله :
من كان يبحث عنه منذ زمن··
من وجه (الأشعة فوق الحاقدة)··
كان المشهد أكثر وضوحاً، ، أكثر ألماً··
قيل، قدراً كان،
لكننا يجب أن نقلب أوراق تواريخنا الرمادية
والسوداء والحمراء والزرقاء ..
قال : حسن النية أو حسن الوطنية يجب ألا يدفعان إلى أن نلقي بأجسادنا على مسار حقدهم··
يجب أن لا نطمئن لهم ·
قديماً·· ليس بعيداً·· كانت جحور فيتنام تحمي ذاك الشعب الذي واجه أعتى القوى·· وانتصر··
ليس بعيداً، كانت غابات أمريكا اللاتينية تحمي أبطالها·· ليتحقق النصر أخيراً ليبقى كاسترو على الأرض وجيفارا في الذاكرة··
.. إنهم يسقطون من فؤادنا البطل ..
ليس بعيداً ، قال: سقط منا رجال نعرفهم، نحبهم ، سقطوا في لعبة الحقد المستمر··
في الخدعة المستمرة··
ليس بعيداً، قال هوشي منه: احموا أنفسكم، احموا مكتسباتكم، بعد ذلك واجهوا عدوكم··
يا أيها الأحبة، قال ،
لا تفجعونا أكثر مما نحن فيه، لتكن العين بالعين والسن بالسن، لتكن الرصاصة أكثر حزماً إلى هدفها، إلى مستقرها·· حتى يذوقوا ما نذوق·· لتكبر فواجعهم حتى ينفجروا أو يرحلوا عن صدورنا وأشيائنا وترابنا وتاريخنا··
أن يرحلوا من عيوننا وحزننا وفرحنا، حتى تبقى دموعنا على طهرها ونقائها··
ليرحلوا··
بحديدهم ونارهم وحقدهم··
(4)
سكين
سكين حادة··
سكين حادة جداً··
سكين حادة جداً وطويلة ··
·· سكين حادة جدا وطويلة جداً ..
أفضل ألف مرة من مثلومة تحز ليل نهار··! (*)
من رسائل الأشجان
الكاتب حسن سلامة
رحم الله القائد البطل صدام حسين
الموضوع الاصلي
من روعة الكون