أطلقوا عليه لقب "فاكهة الحكماء" وسماه العرب "قاتل أبيه"، قامت بسببه ثورات، ونشأت من أجله أنظمة (ديمقراطيات الموز- جمهوريات الموز)، وشيدت به مدن وموانئ وشقت له الطرق، ومدت له آلاف الكيلومترات من السكك الحديدية في أدغال أمريكا اللاتينية، وقامت من أجله أكبر حرب تجارية (حرب الموز) بين أعظم أقطاب العالم. وهو المحصول الغذائي الرابع في العالم. ووصفه الطب قديما وحديثا لعلاج العديد من الأمراض
سموه "فاكهة الحكماء" أو "طعام الفلاسفة" لأن حكماء الهند كانوا يتغذون به، ويستظلون بأوراقه أثناء اعتكافهم. وسموه "قاتل أبيه" لأن شجرة الموز، بعد أن ينضج ثمرها يجب أن تقلع لتكبر إحدى الشتلات الصغيرة التي حولها. وربما كان مصطلح "بنان" الذي يطلق عليه في الغرب من أصل عربي، فالبنان في العربية هي الأصابع. والموز فاكهة ذات قيمة غذائية عالية، وهو غذاء أساسي بعدد من البلدان الأسيوية والأفريقية. والموز غني بفيتامينات أ.ب.ج، ويحتوي على كثير من الأملاح المعدنية كالحديد والمنغنيز والصوديوم والفوسفور والزنك، بالإضافة إلى الماء والنشا والسكر.
ويعد الموز المحصول الغذائي الرابع في العالم بعد الأرز والقمح والدرة. وتنتج بلدان أمريكا اللاتينية والكارايبي معظم محاصيل الموز المطروحة في السوق العالمية، حيث يبلغ حجم إنتاجها عشرة ملايين طن من أصل المجموع العالمي البالغ 12 مليون طن. وتعد الإكوادور أكبر مصدر للموز في العالم. وتمثل صادرات الموز العمود الفقري لاقتصاديات بعض الدول مثل الهندوراس وغواتيمالا وكولومبيا والإكوادور
الموز في التراث العربي
قال تعالى في كتابه الحكيم: "وطلح منضود"، ويرى أكثر المفسرين أنه شجر الموز، منضود أي المتراكم بعضه فوق بعض. وجاء في كتاب "سمت النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي" للعاصمي: "...قيل إن آدم استتر بورق التين، وحواء بورق الموز. وفي كتاب الوصية استترا بورق الموز". في نزهة المجالس للصفوري: " قيل أنه من القلقاس أخذ فرعون نواة وجعلها في قلقاسه وزرعها فخرج منها الموز". وفي ترتيب المدارك للقاضي عياض: "... كان مالك يعجبه الموز ويقول: لم يمسه ذباب ولا يد أسود ولا شيء أشبه بثمر الجنة منه لا تطلبه في شتاء ولا في صيف إلا وجدته".
وجاء في تاج العروس للزبيدي: "...قال أبو حنيفة: الموزة تنبث نبات البردي، ولها ورقة طويلة عريضة تكون ثلاثة أدرع في دراعين، وترتفع قامة، ولا تزال فراخها تنبت حولها، كل واحد منها أصغر من صاحبه، فإذا أجرت قطعت الأم من أصلها، وطلع فرخها الذي كان لحق بها، فيصير أما، وتبقى البواقي فراخا، فلا تزال هكذا، ولذلك قال أشعب لابنه -فيما رواه الأصمعي- لم لا تكون مثلي؟ فقال مثلي كمثل الموزة لا تصلح حتى تموت أمها".
وصفه الفيلسوف ابن سينا في كتابه القانون بأنه مغذ ملين والإكثار منه يسبب السدد، ويزيد في الصفراء، والبلغم، ونافع لحرقة الحلق والصدر ثقيل على المعدة، يوافق الكلي ويدر البول.
وجاء في" المستطرف" للأبشهي: "دخل ابن قزعة يوما على عز الدولة وبين يديه طبق فيه موز، فتأخر عن استدعائه فقال: ما بال مولانا ليس يدعوني إلى الفوز بأكل الموز، فقال: صفه حتى أطعمك منه، فقال: ما الذي أصف من حسن لونه فيه سبائك ذهبية كأنها حشيت زبدا وعسلا أطيب الثمر كأنه مخ الشحم سهل المقشر لين المكسر عذب المطعم بين الطعوم سلس في الحلقوم، ثم مد يده وأكل".
في كتاب "أنساب الأشراف" للبلاذري أن خالد بن صفوان كان يقول: "ثلاث أضن بدرهمي فيهن: صداق النساء، وصلة الرحم، وشراء الموز". ومن الأمثال العربية: أكله أكل الموز: إذا نهكه ظلما. في كتاب "تفسير الأحلام" لابن سيرين: "...وأما الموز فإنه لطالب الدنيا رزق يناله بحسب منبته ولطالب الدين يبلغ فيه بحسب إرادته قوة في عبادته. وشجرة الموز تدل على رجل غني مؤمن حسن الخلق ونباتها في دار دليل على ولادة ابن".
قال فيه ابن الرومي
إنما الموز حين يمكن منه كاسمه مبدلا من الميم فاء
وكذا فقده العزيز علينا كاسمه مبدلا من الزاي تاء
فلهذا التأويل سماه موزا من أفاد المعاني أسماء
ولابن الحباس الدمياطي قصيدة رائية في الموز منها:
كأنما الموز في عراجنه وقد بدا يانعا على شجره
فروع شعر برأس غانية عقصن من بعد ضم منتشره
وفي اعتدال الخريف أحسن ما تراه في ورده وفي صدره
كأن أشجاره وقد نشرت ظلال أوراقه على ثمره
حاملة طفلها على يدها تظله بالخمار من شعره
وقول ابن شرف ف
يا حبذا الموز وإسعاده من قبل أن يمضغه الماضغ
لأن إلى أن لا مجس له فالفم ملآن فارغ به
سيان قلنا مأكل طيب فيه وإلا مشرب سائغ
وقول آخر
ما اسم لشيء حسن شكله تلقاه عند الناس موزونا
تراه معدودا فإن زدته واوا ونونا صار موزونا
وكان أحدهم يحب الموز حبا جما، فأكل منه ذات مرة الكثير، وأصيب بالتخمة، ولم يعد يقوى على التنفس، فنصحه رفيقه بإدخال أصبعه في فمه للتقيؤ، فرد عليه أنه لو كان في حلقه متسع لأصبعه لأضاف موزة أخرى.
وسئل أحد أهالي أدغال إفريقيا السوداء، عندما شاهد لأول مرة في حياته رجلا أبيضا، عما أوحته له رؤية هذا المخلوق المختلف، فقال: موزة بدون قشر
الموضوع الاصلي
من روعة الكون