--------------------------------------------------------------------------------
عادة ما تكون الابتسامة هي البلسم الشافي للنفس حين تعاني من بعض الاضطرابات أو الأعراض الناتجة عن ضغوط الحياة اليومية . إذاً هي حاجة ملحة للإنسان في وقتنا الحاضر للترويح عنه ولينسى بها ، ولو مؤقتاً ، ما يعانيه من مشاكل أو تقلبات في المزاج .
وقد ورد في الحديث الشريف ما يوضح قيمة الابتسامة في وجوه الآخرين وأنها بمثابة الصدقة . وهذا تأكيد أن الابتسامة لها من الأجر والثواب ما الله به عليم .
وهي أيضاً تقرب القلوب إلى بعضها وتزيد من المودة والتآلف . ويؤكد ذلك المقولة الشهيرة :
( الابتسامة هي جواز السفر إلى القلوب )
وبالمناسبة تأكدت لي صحة هذه المقولة من تجارب شخصية وواقع أعيشه يومياً ولله الحمد والمنّة . فقد أنعم الله عليّ بمحبة آخرين وودهم ، وشرفت بأخوتهم وصداقتهم ، نتيجة أحاديث ودية فيها من الدعابة والمزاح ما كان كافياً لدخول القلوب وخلق المودة والمحبة في الله .
وبالطبع لابد من معاملة الآخرين كما نحب أن يعاملونا .. وقد قيل أيضاً في هذا الجانب : خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم وإن عشتم حنّوا إليكم !
في الجانب الآخر ، هناك مشكلة تكمن في من هم عكس هذا التوجه ولا تعجبهم الابتسامة ، بل قد تصبح في عرفهم جريمة بحق النفس البشرية . ولأنهم اعتادوا الكآبة وعقد الحواجب في وجه الغير وبدون مبرر ، فهم يريدون أن يعمموا عقدهم النفسية على بقية البشر . هذه النوعية هم من يمكن تسميتهم دعاة نشر الحزن ومناصرته . ولهؤلاء نذكرهم بقول الشاعر :
واحرص على حفظ القلوب من الأذى .... فرجوعها بعد التـنـافر يصعب
إن القلوب .. إذا تنـــــــــــافر ودهــــا .... شبه الزجاجة كسرها لا يشعب
أخيراً وليس آخراً ، أعتقد أن الإنسان مهما عمل حتى يرضي الآخرين بتصرفاته فلن يبلغ مراده لأن رضا الناس غاية لا تدرك . وعلينا أن نتصرف بطبيعتنا التي وهبنا الله طالما لم نتعد حدوده أو حدود الأدب واللباقة واحترام الآخرين . أما التصرف لإرضاء جميع الأهواء فهو مستحيل .. وكما قال الشاعر :
ضحكتُ فقالوا ألا تـحتـشم .. بكيتُ فقالوا ألا تبتسـمْ
بسمتُ فقالوا يُرائي بها .. عبستُ فقالوا بدا ما كتمْ
صمتُ فقالوا كليلُ اللسان .. نطقـتُ فـقالوا كثيرُ الكلمْ
حلمتُ فقالوا صنيعُ الجبان .. ولو كان مقـتدراً لأنتقمْ
بسلتُ فـقالوا لطيشٌ به .. وما كانَ مجترئـاً لو حكمْ
يقولونَ شـذََ إذا قـلتُ لا .. وإمعةٌ حينَ وافـقـتهمْ
فأيقـنـتُ أني مهما أُرِد .. رضا الـناسِ لابدَ من أن أُذمْ !
أتمنى أن يكون في هذا الطرح ما يفيد ، وهي تضل وجهة نظر تخص كاتبها وليس فرضاً على الآخرين الاقتناع بما جاء فيها .
فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .. وأتمنى ألا نكون كما قال الشاعر :
خالفته والرأي مختلف ... شأني الوداد وشأنه البغض
تحياتي للجميع
الموضوع الاصلي
من روعة الكون