مفجر الثورة التونسية نادم: بن علي ارحم من الحرية التي كسبناها!
نشرت صفحة "أنا آسف يا ريس" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" رسالة أدمن أول وأشهر الصفحات التونسية التي دعت للثورة في تونس والتي قال فيها: "أريد أن أصارحكم بما في قلبي والله شاهد على ما أقول.. لا تسبوني ولا تشتموني لأن كلامي هذا مر ولن يعجب معظمكم ولكنني قررت أن أصارحكم به لانه الحقيقة التي توصلت إليها بعد أن تفقهت قليلا في ديني وبعد أن رأيت بعيني ما سوف تسمعونه الآن مني". واليكم نص الرسالة كاملاً:
اريد ان اصارحكم بما في قلبي والله شاهد على ما اقول.. لا تسبوني ولا تشتموني لان كلامي هذا مر ولن يعجب معظمكم ولكنني قررت ان اصارحكم به لانه الحقيقة التي توصلت اليها بعد ان تفقهت قليلا في ديني وبعد ان رايت بعيني ما سوف تسمعونه الان مني:
"لو كنت اعلم بان كل هذه الفتن ستحل بنا ليلا نهارا بعد الثورة لما دعوت الناس للخروج ضد بن علي ولما جعلت هذه الصفحة مساهمة بقوة في الثورة التونسية.. الان تيقنت ان هذا الشعب مع كل الشعوب العربية لا يستحقون الحرية ولا ينفع معهم الا العصا لان نفوسهم مريضة وقبل تغيير حكامهم كان الاولى بهم ان يغيرو انفسهم. قال الله تعالى: "وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا" [ الأنعام : 129 ]. فالرسول صلى الله عليه وسلم غير نفوس الناس اولا قبل تغيير الدولة وليس العكس ولكن نحن لم نسر على نهج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرنا الدولة قبل ان نغير انفسنا ولهذا نحن نعاني اليوم فكل طريق ليس على هدى الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يكون مئاله الفشل والخسران وهذا ما جرى لنا اليوم والايام القادمة سوف تثبت لكم كلامي لكل من يستهزء به او يشك فيه او يطعن فيه.
صحيح انني اكره بن علي كما اكره كل الحكام الظلمة والطغاة الذين مثله فقد كنت منذ صغري اكره الظلم وادافع عن المظلومين بقدر ما اقدر واقول كلمة الحق لان الساكت عن الحق شيطان اخرس ولكن الان ندمت على كل ما فعلته انطلاقا من يوم 17 ديسمبر 2010 لانني لم اكن اعلم ديني جيدا وقد كانت نيتي ان انصر الضعفاء وافضح جرائم بوليس بن علي الذي كان يقتل في الناس العزل ولكن كان علي ان اصبر على اذى بن علي و ظلمه مثلما امرنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولكنني كنت اجهل ديني لو كنت على علم بالحديث الذي اوصانا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى بعدم الخروج على الحاكم الجائر والظالم والصبر على ظلمه ولو قسم ظهرنا صدقوني لما دعوت الناس للخروج على بن علي بالرغم من كرهي وبغضي له في الله بسبب ما فعله بنا من تضييق ضيقه علينا في الدنيا وفي الدين.
نعم بن علي حاكم جائر وفاسق وسارق ومجرم وعاصي لله وكل ذلك لدينا فيه برهان ولكنه لم يكن كافرا و ما دام لم يتفوه بكفر بواح لدينا فيه من الله برهان لم يكن علينا الخروج عليه حتى بالمظاهرات السلمية لانها تفتح باب للاندساس وللفوضى ومن ثمة سفك الدماء وقتل الابرياء وكان من الافضل لو اننا صبرنا على شره وترك امره لله فهو المتكفل بتغييره مثلما تكفل بتغيير بورقيبة الجائر من قبله وضربه بظالم مثله يدعى زين العابدن بن عليقال الله تعالى: "وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا" [ الأنعام : 129 ].
وحتى لو فرضنا ان الحاكم كافر.. فلا يجوز الخروج عليه الا بتوفر القدرة على ازاحته واستبداله بحاكم مسلم صالح مكانه حفضا للأرواح والبلاد من الفوضى والخراب ونحن نرى ماحدث في ليبيا ويحدث في سوريا والواجب ان نتعامل مع الشرع بالعقل وليس بالعاطفة والحماسة المفرطة التي تذهب العقول والقاعدة العامة في الاسلام درء المفاسد وجلب المصالح وعليها تجري كل الاحكام والمقاصد فلا يجوز تغيير مفسدة بمفسدة اعظم منها لانها تاتي بسفك الدماء والخراب والفوضى والفتن للمسلمين وهذا ما فصله لنا علمائنا الربانيين ولا اظن احدا قد فتن مثل فتنة الامام احمد ابن حنبل مع المعتزلة في فتنة خلق القران فقد تم تعذيبه شر عذاب في سجن موحش حتى ينطق بان القران مخلوق وليس كلام الله ولكنه ثبت على الحق ولم يطاوع المعتزلة في معتقدهم الباطل وقال ان القران هو كلام الله وليس بمخلوق ولكن مع كل ذلك لم يامر اهل السنة والجماعة بالخروج على المعتزلة وحذرهم من مغبة فعل ذلك وهم الذين كانو ينتظرون منه مجرد اشارة حتى يقتلو هؤلاء المعتزلة الضلال شر قتلة ولكن الامام احمد التزم بما ارشدنا به رسولنا الكريم ولم يفتي بالخروج على المعتزلة خوفا من الفتنة ومن سفك دماء الابرياء من المسلمين.
كذلك لا اظن ان بن علي او مبارك او بشار الاسد والقذافي وصالح اشر من الحجاج ابن يوسف فما فعله الحجاج في عهده لا يجرء اللسان على ذكره ومع ذلك لم يخرجو عليه اهل السنة والجماعة وصبرو على اذاه وظلمه وبطشه. عفوك يا رب لم اكن اعلم بان حال هذه البلاد لن يتصلح ابدا الا في حالة تغيير ما بانفسنا وليس تغيير حاكمنا الجائر ولم اكن اعلم ايضا بان زين العابدين بن علي ما هو الا نتيجة طبيعية لمجتمعنا الفاسد "كما تكونو يولى عليكم" فالخطء ليس منه بل منا نحن فلو ان نفوسنا كانت نقية وتخشى الله تعالى لولى الله علينا حاكما عادلا يخشى ربه مثلنا فلا يظلمنا ولا يقهرنا فما زين العابدين بن علي اذن الا مرآة لنا و لانفسنا المريضة واخلاقنا الهابطة و طباعنا الانانية و الانتهازية.
بن علي هو بكل معاصيه وفسقه هو في حقيقته النسخة الحقيقية للتونسي العادي في العموم فمن كان فيكم لا يتعامل بالربى ومن كان فيكم لا يكذب و من كان فيكم لا يسب ولا يشتم ولا يتكلم في غيبة الناس ولا يستهزء بهم ومن كان فينا لا يظلم الناس ومن كان فينا لا يغش في معاملاته ومن كان فيكم لا يحلف بالكذب ومن كان فيكم لا يرشي الناس لقضاء حاجياته ومن كان فيكم لا يسرق الدولة ويعتبر سرقتها حلال ومن كان فيكم يحترم ابسط اشارات المرور في الشارع.
ومن كان فيكم ينصر الضعفاء ولا يقول اخطى راسي واضرب في عهد بن علي ومن كان فيكم يتزكى على ماله ويصلي صلواته الخمسة جماعة وفي وقتها من دون ان يؤخرها قليلا حتى تنتهي مباراة كرة القدم وحتى تنتهي تلك اللقطة المشوقة من المسلسل او الفيلم الذي تتابعونه على شاشة التلفاز الخ.. فاذا كنا نحن الشعب التونسي بمثل هذا الانحطاط الاخلاقي العظيم فكيف تريدون من الله تعالى ان لا يولي علينا شخص مثلنا يحكمنا ثم يظلمنا ويقهرنا مثلما نظلم انفسنا ونظلم بعضنا.. صدقوني لو اننا كنا نتقي الله في ديننا ومحيانا ونحب الخير للناس ولا نغش ولا نكذب ولا نسرق الخ لكان الله تعالى قد رفق بنا وولى علينا حاكما طيبا وعادلا مثلنا ينصفنا ولا يظلمنا.
نعم بن علي بالرغم من ظلمه وجوره فهو ارحم من الحرية التي كسبناها من هذه الثورة والتي اصبحت نقمة علينا وراينا فيها العجب العجاب من اعداء الدين ومن الرويبضات والمبتدعين والجهلة والسفهاء والمرضى والانتهازيين. ماذا ربحنا من هذه الثورات غير سفك الدماء والفتن وخراب البيوت وغلاء المعيشة وكثرة السرقة وازدياد البطالة والفوضى وانعدام الامن والاعتداء العلني على المقدسات الدينية والانحطاط الاخلاقي والتنابز بالالقاب والاتهامات الباطلة. لم اكن اعلم بان الثورة سيركب عليها الانتهازيين والجبناء وسوف يقطف ثمارها انذال القوم.
لقد ندمت لقد ندمت لقد ندمت على ما فعلته عن جهل وان حزني كبير وهمي عظيم على هذا الحال الذي وصلنا اليه اليوم. انظرو كيف جنت ثورتنا على بقية الدول العربية انظرو كم من مسلم ومسلمة قتلو في بلادنا تونس اولا ثم مصر وليبيا واليمن وسوريا وغيرهم كما اذكركم جميعا بان الجزائر قتل فيها طوال عشرية سوداء من فترة التسعينات اكثر من 250 الف مسلم ومسلمة جراء فتنة كبيرة ولهذا لم تقم اليوم ثورة في الجزائر بالرغم من فساد نظام الجينيرالات الذي يحكم هناك فالجزائريون ذاقو ذرعا من كوارث وخراب الثورات حين انعدم امنهم و ازهقت ارواحهم. فحياتهم وامنهم اليوم اغلى عندهم من الثورة التي قسمتهم الى مسلمين وكفار وسفكت دمائهم بغير حق.
ويحنا ثم ويحنا كيف لا نعلم ان قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق كبيرة من أكبر الكبائر، ويعظم الجرم ويشتد الإثم حين تكون هذه النفس نفسا مؤمنة، فلا شك أن حرمة دم المسلم أعظم عند الله -تعالى- من حرمة الكعبة بل زوال الدنيا أهون عند الله من قتل المسلم !!. لقد مات العشرات من الالاف من المسلمين في هذه الثورات التي سموها بالربيع العربي وهي والله ماهي الا صقيع عربي. هاهي ليبيا اليوم تنقسم وتتفتت وهاهو جنوب اليمن ينتفض و يعلن العصيان المدني مطالبا بالاستقلال عن اليمن الشمالية وهاهي مصر تعاني من الفتن والفوضى وهاهي سوريا مهددة بحرب اهلية طويلة المدى لا يعلم اثرها على الامة الا الله تعالى ومن ثم ربما يتم تقسيمها الى اجزاء فيكون العدو الصهيوني هو الفائز في كل هذه الفوضى المسماة بثورات الربيع العربي.
نحن نتصارع فيما بيننا ونتفتت واعداء الامة يتمتعون بفرقتنا ويخططون لمزيد تقسيمنا ويضحكون علينا وعلى جهلنا.. صدقت يا رسول الله حين حذرتنا من مغبة الخروج على ولي امرنا الجائر والظالم وحين قلت لنا اصبرو على ظلمه ولو قسم ظهوركم ولكننا تعجلنا ولم نصبر لاننا جهلة بديننا وها نحن اليوم نعاني من جراء ما اقترفته ايدينا. اعداء الامة سوف ينهشون لحومنا فنحن الان لا نملك لا حول ولا قوة ما دام الداء من داخلنا و ما دامت نفوسنا مريضة وغير مطهرة فوالله ان حالنا سوف يكون من الاسوء الى الاسوء مادمنا على هذه الحال. ارجو من الله الغفور الرحيم ان يغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات ذنوبنا هذه و ان يرحمنا و يرحم جميع المسلمين الذين قضو حتفهم في هذه الفتن العظيمة كما ارجو من الله تعالى ان يحفظنا وينجينا من هذه الفتن ما ظهر منها وما بطن لانها لا ترحم صغيرا ولا كبيرا الا من رحم ربي.
اذكركم و نفسي بهذه الاية الكريمة التي تمثل حبل النجاة لنا في كل الاوقات و في كل الازمان و من دونها سوف نضيع و سوف نشقى و سوف نكون من الخاسرين مثلما نحن الان. قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ". واختم بهذه الاية الكريمة التي يحثنا الله تعالى فيها بعدم التفرق شيعا ولا احزابا وبالاعتصام بحبله. قال تعالى "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ".
هل ما قاله حقيقي وصريح ؟؟ هل الواقع بعد الثورات كما وصفهـ؟
أم أنها لعبة للتراجع عن الثورات الحالية؟؟ وباع ضميرهـ لمن اشتراهـ ؟؟
منقول
الموضوع الاصلي
من روعة الكون