..........
أترك بين أيديكـــم حكـاية مشــاعر كتبتني ذات غضب / خوف... وتوهان..!!
في ظلام الليل الدامس.. واختناق الشمس في ستار الغسق التائه.. كانت مستلقية على شفا حفرةٍ من المـوت..!! أحقاً تكون هذهِ نهايةُ المطاف..؟! أوقف حيرتها طرقٌ على باب تلك الغرفة المشو..!!
خالد: "مسـاء الورد.."
أمل بإبتسامةٍ شاحبة:" مساؤك..!!" لم تُجبه يوماً بجملة كاملة..!!
فتح ستار الغرفة فأنبعث ضوء الشمس حارقاً لمساماتها المنهكة..
بعصبية نهرته:" أغلقهــا.."
خالد بإقتضاب:" ستموتين هكذا.."
سخرية ترتسم على شفتاها:" ومن قال عكس ذلك..!!"
وهو يفتح علبة العصير التي احضرها لها:" أمل حبيبتي أين تفاؤلك؟ أين شعوركِ بالأمل؟ أليس هذا إسمُكِ الذي تحبين؟"
بلا مبالاه لما قاله وقد وضعت العصير جانباً:" اخطأوا بتسميتي..!!"
وهو يتوسلها:" أرجوكِ كفى بؤساً ، ويأس.. أينَ إبتسامتُكِ التي تُشعرُ الجميع بدفأها؟ وضحكتكِ التي يتغنى بها بُلبُلكِ كلّ حين؟ نحن نفتقدُ أحاديثكِ وحكاياتكِ.. ألا تريدين رؤيةَ مافي أحشاءكِ ينمو ويلهو ويرتمي بين أحضانكِ يشاكسكِ تارة ويبكي أخرى..؟ ألم تحنّي لكل هذا؟ أما مللتِ البكاء ورثاءَ نفسكِ وحيدةً هنا في هذه الغرفة المختنقة.........؟!"
نكّست رأسها وأخذت تتأمل بطنها المدوّر ، وبفاهٍ مليئٍ بالحزنِ والوجع أخذت تنسابُ أحرفها المثكولة بها:" وماالذي تنتظرهُ مني؟ أن أنسى موتي القريب أو أتناسى شكلي المهيب..لالا لابد وأنك تريدني أن أرتدي فستاناً مخملياً وعقداً مرصع بالألم وأتراقصُ لكَ بجلدي الملتصق بعظمي..!! أم نسيانَ ماينتظرُ مابأحشائي من حياةٍ مريرة.. ماالذي تريده من إبتسامةٍ إعتقلتها ملائكةُ الموت ، أو أحاديثَ متشحة بأكفانٍ تنتظرني..!!
أخبرني ماالذي تريدهُ مني.. ألا يكفيكم الوجع المقيم بي..؟ أتركوني أمضي إلى حيثُ ننتمي نحنُ البشر.. أتركوني ، أتركوني..!!"
وتناثرت قطراتُ اليأس من عينيها مبللةً وجا الشاحب ، كان خالد يجلسُ بجانبها والألم يعتصرُ قلبه ، ودّ لو كان بإمكانهِ ان يفديها بروحه. ضمها إليه بكلِ قوه ، وتساقطت دمعة ساخنة مليئة بالحسرةِ والأسى ، على بقايا شعرها الأسود..!!
طبع قبلةً على جبينها ومسح آثار الدمعه عن وجنته ، وأخذ ماأحضرهُ من أطعمه وشرع في إطعامها رغماً عنها..!! كانت في كل قضمة ، ونبضة من نبضاتِ جنينها تشعرُ بالموتِ يقترب منها أكثر فأكثر! وبعد أن فرغ من إطعامها ، مكث معها دقائق أخرى حتى حان موعد عودته.
خالد بصوتٍ يتخلله الهدوء:" حبيبتي أمل سأمضي الآن وأعود بعد ساعة."
إبتسمت إبتسامةً مثقلة وأطرفت بجفنها مؤكدةً كلامه.. وقبل أن يودعها قالت بصوتها المبحوح:" خالد أريد كأس ماء."
بسرعة أعطاها ماتريد وطبع قبله أخرى على جبينها مودعاً:" أراكِ قريباً." وقبل أن يغلق باب الغرفة سمع صوت تحطم الكأسِ بين يديها..فألتفت مفزوعاً:" أمــل...!!"
كانت قد أمسكت بالكأسِ ولشدةِ الألم الذي ألمّ بها حطّمتهُ بين يديها حتى نزفت الدماء..
خالد بخوف:" حبيبتي ماالذي فعلتِه..؟! " ركض خارجاً ليحضر إحدى الممرضات لمداواتها.. وحين عادا كانت أمل تحتضر ، والدماء تشوّه تلك الأغطيه البيضاء وتخضب يدها..!!
إرتمى خالد بجانبها باكياً ، ناحباً:" أمل لاترحلي لاتتركيني وحيداً أعاني وحشةَ فراقكِ ، لاتتركيني ألاحقُ شبحكِ على وجوهِ المارّة وأضرحةِ الموتِ هناك..!!"
والدموع تغرَقُ ألماً على وجنتيها:" أرجوك........ لاتعذبني فتزيدني وجعاً فوق وجعي سأرحل إلى حيث الراحة الأبدية ، عدني بأن تتذكرني دائماً ، وتروي لطفلنا عن حكاياتنا معاً ، ارجوك عدني بأن تزور قبري كل يوم وتحكي لي عن يومياتك و......." أصابتها نوبة سعال قوية وقبل ان تلفظ آخر أنفاسها بين يديه:"سأشتاقُـكـ"
تلك كانت آخر كلمة تنطقُ بها أمل ، ضمها الى صدره ، وعلا نحيبه:" رحلتِ كما أردتِ وتركتِني وحيداً ، لِمن سأحكي من بعدك عن معاناتي، مشاعري ، مع من سأبني حياتي ، لم كنتِ أنانية ورحلتِ؟ عودي إليّ .. عودي إليّ.."
أخذَ يهزها بقوته وهو ويعاني لوعة الفراق.. فراقها وجنينهما معاً.. إختنق الطفل في أحشاءها ، لم يُرد أن يخرجَ للدنيا يتيمَ الحبّ والحنان ، يتيم الأمِ والأمان ، آثر الخروج على أن يرحل مع أُمه مع آخر أملٍ له بالسعادة مع والدين مُحبين..!!
وقبل أُفولِ الشمس في فضاءِ الدمِ الأحمر إستيقظت أمل على صوت خالد وهو يهزها فوق الفِراش:" إستيقظي لقد تأخرنا عن موعد الطبيب...!!!"
.............
الموضوع الاصلي
من روعة الكون