ليتني أمريكيا...
--------------------------------------------------------------------------------
إنطلقت الزغاريد من منزل \\\"حسن\\\" فأحدثت بهجة فى الحى الشعبى الأصيل .. فاليوم أنهى حسن دراسته الجامعية ، وحصل بتفوق على بكالوريوس التجارة ..
كان حسن أصغر إخوته ، وأعلاهم شهادة .. ولكن الحب الذى كان يملأ الأسرة ويشملها ؛ لم يترك للأحقاد مكان يتوغل فيه بين القلوب فيفسد تلك الفرحة التى أطلـّت من وجوه الجميع ...
تعرّف حسن على أحد الأفراد ممن لهم صلة بمكاتب السفر للخارج ؛ فساعده هذا الصديق حتى أنهى حسن جميع إجراءات سفره لأمريكا .. أمريكا الحلم الذى كان يراوده منذ أمد بعيد .. كل أفراد الأسرة تعاونوا لتحقيق حلم حسن المنبهر دائما بأمريكا .. فهكذا تقول جدران حجرته المتواضعة والتى غطى جدرانها بكل مايذكـّره بحلمه الأكبر ، بداية من علم أمريكا ذو الألوان الزاهية ، والنجوم المرصعة ، ونهاية ً بصورة مايكل جاكسون وهو يحيط به الأطفال السود ، وما بينهما من صوّر ومعلقات كان ينطق بكل زهو بحضارة أمريكا المبهرة ..
***
سافر حسن إلى حلمه الأكبر ..
وتزوج حسن من أمريكية حتى يحصل على الجنسية ..
الآن هو مواطن أمريكي عظيم........
***
مرت سنوات عديدة ، كان الكفاح طابعها .. فهو يعمل فى حسابات فندق شهير ، وزوجته أيضا تعمل معه فى نفس الفندق كحارسة أمن ..
يعملون معا ً منذ الصباح وحتى المساء ..
الآن قد أصبح لهم منزلا أنيقا .. ولكل منهم حجرة مستقلة .. فله حجرة مستقلة .. وزوجته \\\"مارلين\\\" لها حجرتها الأنيقة والتى إقتنت محتوياتها بذوق أمريكى متحضر ..
أما \\\"محمد\\\" إبنهما ، والذى كان يفضـّل أن ينادونه ب\\\" مو \\\" ، له حجرته المزودة بكل ما يجعله قادرا على عدم مغادرتها لمدة طويلة ..
مو يدرس دراسات متقدمة فى علوم الحواسب والبرمجة ..
كانت أسرة حسن و مارلين ومحمد \\\" مو\\\" .. أسرة تعيش فى رغد يصاحبه كفاح فى عمل محبب لكل منهم .. وكانوا ينعمون بالراحة والإسترخاء فى \\\"الويك اند \\\" ليجددوا نشاطهم إستعدادا للشقاء المحبب فى الأسبوع الذى يليه .
***
أنهى حسن عمله فى نهاية يومه ، ومرّ كعادته على زوجته مارلين ليغادرا معا ، ولكنه لم يجدها فى مكان عملها .. ولكن احدهم أورى إلى حسن أنه شاهد مارلين تغادر الأوتيل برفقة \\\" جون\\\" ..
و\\\"جون\\\" هذا هو رئيس مارلين فى العمل ...
مر حسن بسيارته على المكان المخصص لعربة \\\"جون\\\" بالجراج الملحق بالأوتيل ، فلم يجدها فى مكانها ، ومن اللوحة الإلكترونية عرف ان السيارة غادرت من حوالى الساعة وأربع دقائق ..
كان حسن يعرف مسكن جون القريب من الأوتيل ؛ فقد أوصله هو ومارلين ذات مرة لعطل مفاجئ بسيارة جون ..
و جون يمتلك منزلا رحبا جميلا من طابق واحد ، مبنيي بذوق رفيع على حديقة غنـّاء رائعة ، كما كان جون يعيش بمفرده .. فقد كان لا يثق بالنساء .هكذا قالت له زوجته مارلين .
وما إن إقترب حسن من المنزل حتى أطفأ مصابيح سيارته ، فقد شاهد من خلف النوافذ المطلة على الحديقة زوجته مارلين تجلس مع جون على البار الإيطالى ذو المقاعد البنورية والأرجل الرشيقة ..ولكن ما أزعج حسن أنه شاهد مارلين تدخن و هى تحتسى الشراب مع جون !!
لم تكن تفعل مارلين تلك العادة القبيحة !! هكذا قال حسن محدثا نفسه ..
.. إقترب حسن من الباب الزجاجى المعشق بالألوان وكأنه لوحة جميلة لمايكل أنجلو ، وجذب الحبل الذهبى ، فصدحت صوت الأجراس المتناغمة ..وأضيئ الباب فأضفى على ألوانه رونقا بديعا ..
وعلى شاشة كبيرة بمواجهة البار بدت صورة حسن وهو يتأمل فى الباب وهو مشدوه ..إتجه إليه جون ، ثم إنسحب خطوتين للخلف عندما تقدمت مارلين إلى حسن .. ودار الحوار :
حسن : هل أنتظرك مارلين ؟
مارلين : سأنهى بعض الأعمال مع جون وسالحق بك ، إسبقنى على المنزل !!
حسن :إنك تدخنين مارلين !!
مارلين (بحدة) : اذهب وسألحق بك .
حسن : oK مارلين ، وقت سعيد !!
ومضى حسن محمد عبد الله إلى منزله ، وكان الألم يعتصره ، فكيف تدخن مارلين !!
مضت أكثر من ثلاث ساعات ، وسمع صوت مفاتيح مارلين وهى تتحسس كالون الباب ، وكأن فتحة المفتاح قد إنتقلت من مكانها المعتاد ، ففتح لها الباب فكادت تسقط ، حيث أنها كانت مستندة بإحدى يديها على الباب الخشبى .. ودخلت مترنحة يسندها حسن برفق ، ورائحة الخمر تفوح منها ؛ ولفافة من التبغ بين أصابعها ، والتي إصتبغت أظافرها بلون الدم . ثم إرتمت على إحدى المقاعد القريبة ..
حسن : مارلين . ألم تتأخرى بعض الشئ؟
قذفت مارلين سيجارتها بعصبيةعلى البساط ذو اللونين الأسود والأبيض ، ونهضت مترنحة ، ثم داست بعنف على السيجارة المشتعلة ، وإتجهت لغرفتها !!
تساءل حسن محمد عبد الله بصوت خفيض : هل أغضبها جون ، إنه يعلم أن جون وقح مع النساء ..
طرق حسن باب غرفة مارلين برفق ، فاذنت له . وقال:
ــ هل أغضبك ذلك الوقح ؟
ــ تقصد من ؟
ــ جون ..
ــ أتركنى وحدى !!
تذكر حسن محمد عبدالله شرقيته فجأة ، وكأنها بالونة طفت من اعماق بحر هائج ، وامسكها بعنف من كتفيها صائحا :
ماذا بك يا مارلين ؟.. وماذا كنت تفعلين مع جون حتى هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟!
ترد مارلين وبعينيها نظرة تحدى صارخة :
ــ أتريد أن تعرف ماذا كنت أفعل مع جون ؟!
ــ نعم
ــ كنت معه على فراشه !!.. لقد نمت معه !!
زأرت شرقية السيد / حسن محمد عبد الله ، ولم يتمالك نفسه ، وهوى بكفه يلطمها بقوة ؛ فترنحت ثم سقطت وهى تصرخ :
ــ موووو..يا موو، إنقذنى من هذا المجنون !!
أتى الإبن محمد حسن محمد عبدالله (مو) مهرولا على صراخ أمه ، وسال أباه بحدة :
مو ـ لماذا ضربتها بتلك القسوة ؟!
الأب ـ لقد إعترفت (يا محمد )أنها ضاجعت جون !!
يرد محمد بعصبية صائحا :
ــ إسمى مو !! ..وليس من حقك أن تضربها بهذه القسوة .
قال ماك كلمته الأخيرة وهو يضغط على أزرار الهاتف القريب بالرقم الشهير\\\" 911\\\"!!
دقائق معدودة ، وكان أحد رجال البوليس يضع القيد الفولاذى فى يدى حسن ، ويقتاده للمخفر بعد أن أعلنه بحقوقه الدستورية !!
****
حسن محمد عبد الله خاضع الآن للعلاج النفسى فى إحدى المصحات التى تم تحديدها بمعرفة قاضى الولاية !!
****
ليتنى كنت أمريكيا!!
حتى لا أتحسر الحسرة التى تحسرتها ، و حتى لا أبكى بمرارة هذا البكاء الذى بكيته ، وذلك عندما إنتهى صديقى الذى يجالسنى من رواية قصة شقيقه حسن ومارلين فى أمريكا !!
.إنتهت .
منقول ..
الموضوع الاصلي
من روعة الكون