لكل منا أخطاؤه وهفواته التي يرتكبها في حق نفسه أو في حق الآخرين .. أما التي يرتكبها في حق نفسه فتعود مسئوليتها عليه ، وفي النهاية هو من يقدر حجم الخسائر المعنوية والنفسية والأضرار التي تلحق به أكثر من غيره .
وأما الأخطاء التي يرتكبها في حق غيره ( ومن فينا لم يخطىء في حق غيره ؟! )
فماذا ياترى يكون تصرفه حيالها ؟
أحياناً كثيرة لا نصدق أننا كنا بتلك القسوة ، أو الانفعال والوحشية ، أو الظلم ، أو سوء الظن ، أو حتى الشك ، ونعود بعدها ونندم على فعلتنا وعدم مقدرتنا على التحكم في أعصابنا وألفاظنا ، ونظل نبحث في داخلنا عن أي مبرر لنرتاح من وخز الضمير . وقد نبادر بالاعتذار..
وفي مواقف كثيرة قد تكفي كلمة آسف لحل الإشكال – فهل تعرفون هذه الكلمة التي لا تتعدى ثلاثة أحرف تحمل في طياتها الكثير من المشاعر .. وهل تعرفون من أي نوع هذه المشاعر ؟ وعند تلفظها يكون الإنسان قد أدرك حجم خطأه !
ولكن في بعض المواقف قد لا تكفي كلمة آسف لحل الإشكال أو لا تفي بالمطلوب ولابد أن يتبعها شرح أو تفسير أو تعليل لما حدث من سوء تفاهم والذي قد يكون غير مقصوداً .
وليس بالضرورة أن ننطق كلمة آسف للتدليل على الاعتذار .. هدية بسيطة ، ابتسامة صافيه ، كلمة حلوة كلها تعبيرات صادقة عن مايكنه الإنسان داخل نفسه .
وهناك من يصب جام غضبه على إنسان برىء لا لشىء إلا أن حظه العاثر وضعه في طريقه لحظه انفعاله . وآخر قد يريد أن يبلغ كلامه المسموم كالسهام لشخص ما ، فيسدده لغيره ليسمعه رأيه ، أو أن هناك رسالة غير مباشره يريد إرسالها بطريقة غير مباشرة ، أما أسوء أنواع التعامل فهو من يستخدم أسلوب المداعبة السخيفة وهو يقصدها لتوصيل مافي قلبه من كلام .
وحتى يكون للاعتذار قيمه لابد أن يكون منطقياً ، ولا يبني على مبررات واعتذار واهية ، ولا بطريقة فضه وكأننا نتعاتب لنجرح لا لنداوي .. ونزيد بذلك الأمور تعقيداً ، كما إن انتقاء الألفاظ مهم جداً .. فلا عيباً في أن تعترف بخطئك وغلطتك وتبادر بالاعتذار .. وعلى الطرف الآخر التفهم والقبول أو اللين فكل بني آدم خطاءون والمسامح كريم أليس كذلك .. قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام
(( من لم يقبل من متقبل عذراً صادقاً كان أو كاذباً لم ينل شفاعتي )) ..
وكذالك (( إن شتمك الرجل من يمينك ثم تحول إليك عن يسارك فاعتذر إليك فاقبل عذره )) .
وأحياناً قد يكون الطرفان كلا منهما قد أخطى على الآخر .. فخيركما من يبدىء بالسلام .. وعندما يصدك الآخر يكون قد حمل كل الإثم وأنت عملت ماعليك ولكن يجب أن لا يتحامل المسلم على أخيه .. ولا نعلم كم من المدة سيمد الله في عمرنا فلنرحل من هذه الدنيا والجميع راض عنا ..
ولو نظرنا في حياتنا عموماً لوجدنا الجرح المؤلم وسوء التقدير عندما تأتي من القريب تؤلم أضعافاً مضاعفه ، أكثر مما تسدد من البعيد كما قال الشاعر :ظلم ذوي القربى اشد مضاضة ،،، على المرء من وقع الحسام المهند لأنك توقع منهم دائماً الحب والعطف ولو فكر الإنسان بالتسامح مع من أساء إليه .. فسيكسب كل شيء ، وسيعود النفع عليه أولاً ، وبالإحراج وبالندم على من أساء إليه ثانياً ، خاصة لو التزم الصمت .
وقمة الأخلاق لاتتجلى فقط بالصمت أو التسامح مع من أخطأ ، ولكن بالعفو عند القدرة . فالإحسان والتخلي عن رد الإساءة وعن الثأر يستلزم إيماناً صادقاً وقوة ، وهو علاج ناجح وناجع لمن أمامك في تحسين سلوكه وتقويمه بعد ذلك .
وقد قال تعالى في محكم كتابه (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )) والأشخاص الذين يعجزون عن العفو بالتأكيد يعانون من التعاسة في حياتهم ، بعكس المتسامحين فهم يشعرون بالراحة والطمأنينة .. فاللهم لاتجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا .
فهل أنت ممن يعتذرون ؟
أو ممن يتسامحون ؟أو انك من يتحامل على المخطىء عليك وتصده لو حاول الاعتذار منك ؟ وكلمة آسف لا تخرج من فمك فقط ؟
الموضوع الاصلي
من روعة الكون