|
|
|
|
الدنيا وهم على راي المثل ، عدت وقلت في داخلي ساعة وقفت اول الليل قبالة الشاطئ ، يو سرقت بعض الوقت وذهبت برفقة ذكريات حبي القديم ، صرت اتمشى قليلا وطيفه بجانبي على الرصيف ، الذي لطالما تمنيت ان يصطحبني في نزهة على ضفافه شاطئه الشاسع المليء بذكريات الكثير من العشاق، فاحسست كيف يبتلع البحر وحشتي كما يبتلعها من وجوه واجسام العابرين على ذلك الرصيف رحت اتامل البحر وانا اسمع صدى صوته البعيد الذي تمنيت ان يظل اقرب من روحي مني ، اخدت اصغ الى صوته واتخيله ينظر الى شط البحر وهو يحادثني ويقول :
- انه كما تتكرر قطرة الماء لتصبح بحرا ، وكما تتكرر الاشجار لتصبح غابة ، كذلك كنت احس بنبظات قبك تتكرر لتصبح حبا خالدا لي انا وحدي -
وفجأة تلاشى صدى صوته والتفتت حولي ولم اجد سوى ظل طيفه يتلاشى في الهواء ، لكنه ظل بخاطري
ووجدتني اشعر وكانه فعلا معي يحادثني وجدتني التف الى طيفه واقول له بصوت عال :
- لو كنت احببت مالكا ، لتحملت منه كل شيء ، ولو شاءت الاقدار وتزوجتني وحدث لك مكروه لقدر الله لما تخليت عنك ابدا -
والتفتت فجاة وتخيلت نظرات عينيه التي تغلبها الكبرياء تارة مع ان حبه كان يسكنها منذ البداية ووجدته يقول لي :
- ان حبك ظالم وغير عادل ،اعرف انك تتمنين لو كنت عجوزا مهملا ، حتى لا تستحليني ولا تتطلع الي اي امراة سواك -
وظلت نظراته تلاحقني واحسست بروحه وكانها فعلا تسكنني وتلعثم لساني ولم اعرف الكلام، وفجاة وجدته يعود ويقول لي :
- ان الحب اشبه بمرض يمتلكك ، تحبلمين احيانا بالشفاء منه لكثرة الالام التي يحدثها فيك ، تصابين بالهديان في الحبيب، تشعرين كان نارا تلف احشاءك ، وتعصر داخلك عصرا ، ينشف بلعومك وتتوه عيناك ، وتخر ركابك ارضا ، حين اغيب عن ناظريك ، وتصيري مدفوعة الى العراء والجحيم خارج يدي ، في الحب تشعرين ان عقلك مشوش ، محتار بين السعادة والحزن بين الفرح والالم ، بين الاحساس بالخفة وصقل الجسد .
ظلت تلك الكلمات تتردد في اذني وظل صدى صوته يلاحقني نظرت حولي وكانني اتمنى ان يعود ويحادثني ووجدتني اقول في حسرة :
- كل ذلك انتهى كالحلم -
ووجدت نفسي فجاة اما امواج الشاطئ حيث كا الليل يلامس سطح الماء ويغطيه بوشاح من العتمة ، تلمح فيه الوان ضوئية متماوجة ، يتقدم الموج بحركة تدافعية مثل زحف الحية ، ثم يتلاشى في ماء البحر قبل ان يتابع عناده ويعيد الحركة ثانية ، كان قدره هو هذه الحركة التي لا تستكين ، لم اعرف اين يذهب غضب الموج الذي كان يتفجر رذاذا يتطاير فوق رؤوس الواقفين والمارة على الرصيف ، وهو يتالمون مع الامواج ، هربت بنظري الى الافق المترامي البعيد بكل الوانه وخطوطه كما لو اني اهرب الى النهاية التي هي السير الاكبر ، فيما تاملي لعناد الامواج وضجيجها سرعان ما اخافني ، وانا ارى حركاتها تتحول وهما في الماء ، كما يتحول لون البحر الى لون ازرق وراه في عيني فقط ، وكاننا في الحيات نتخبط مع هذه الامواج لنكتشف ان فصول حياتنا وهم ، وان الوانها وهم ، لا شيء يبقى سوى البياض ، نتقدم الى بياض النسيان في الذاكرة ، الى بياض الشعر ثم الى بياض النهايات ، نمشي على حبل العمر الرفيع ولا تعود تشغلنا الا النهايات ، وفي نهاية مشواري انا وحبي القديم لاحت في عيني ابتسامة خفية سرعانة ما تلاشت مع تلاشي موج البحر وانا طيفه نصعد الى سيارة لتعود بنا الى الواقع المر الذي يفرض علينا ان نعشه بحلوه ومره . |
|
|
|
|
الموضوع الاصلي
من روعة الكون