في كل لحظة من لحظات الحياة,كلما بدأ يوم جديد بدأت معاناتي ,أرى العذاب في كل زوايا البيت و ألوان الموت تمور موراً من عتبة إلى عتبة,إنه الألم إنها الندامة على كل لحظة من لحظات الحياة أشعر أنني أكتم في قلبي آهات لو خرجت مني لأحرقت النيران و التهمت الجدران يا الله ماأقسى التفكير يا الله ما أقسى المعاناة حقا إن الشقي من وعظ بنفسه و السعيد من وعظ بغيره لله در من قال هذا المثل ما أحكمه ولله در من امتثل لهذا القول ما أعقله الجميع يتغنى بماضيه أما أنا فإني ألعنه ألف مرة و أسبه ألف مرة الجميع في الليل ربما يذوقون حلاوة السهر لكن أنا إذا بدا الليل الذي ينادمه الساهرون و يبحث عنه العاشقون أتألم ألف مرة و أتمنى الموت ألف مرة ربما لأنني حيوان لا يستحق العيش أو ربما لأنني أشعر بالذنب تجاه أختي .
أخواني إنني أكتب لكم قصتي كي تعتبروا فلربما يكون فبكم تائه فيهتدي و أكسب أجر أو حسنتين و يتوب الله علي مع أنني أتمنى أن يقبل الله توبة الشيطان ولا يقبل توبتي لا تستغربوا يا أخوان نعم "أتمنى" أن لا يقبل الله توبتي لأنني لا أستحق فكرت في الانتحار لكن تراجعت ربما لأنني جبان أو ربما لأنني لا أريد أن أكرر الخطأ مرتين استمعوا إلى قصتي وقولوا اللهم الستر و العافية ,الستر الذي ضيعته أنا و العافية التي ضيعتها أنا لو تعرفون طعمها ما تركتم الدعاء ثانية.كنت أعيش في بيت كله أنس و سعادة و محبة كان في البيت الأم و الأب والأبناء الثمانية وأنا أكبر الأولاد بعد أختي سارة.تعرفت في مدرستي على رفاق كالعسل كلامهم كالعسل رفقتهم كالعسل و قد كنت حينها في الثانوية العامة و كنت لا أهتم بالدراسة و لا أعير لها بالا والكل كان يعول علي باعتباري الرب الثاني للأسرة بعد أبي فأمي كانت تحلم بأن أكون مهندسا و أبي يقول لا بل طيارا"يا للأحلام و يا للأمنيات" وقد كنت أسهر مع رفاقي خارج المنزل و أعود للبيت ساعة الفجر وكنت أتلقى الضرب من أبي و الشتائم من أمي لقلقهم علي ولكن أختي سارة كانت تدافع عني وتنهر أبواي عن ضربي فقد كانت لا تحب منهما أن يضرباني "ويا ليتها لم تحببني و يا ليتها لم تدافع عني" و مع هذا فقد كنت لا أهتم لضرب و شتائم أمي و أبي و استمررت في الخروج و العودة ساعة الفجر.وبعد بدء إجازة الربيع "لا أعادها الله من إجازة".قررت أنا و رفاقي أن نبني ملحقا للسهر ليلا في جلسات أنس عادية ووافقنا و خططنا و نفذنا نعم نفذنا ربما تسألون من أين لهم النقود لقد كنا ناخذ من أبآئنا و أحيانا تصل لدرجة السرقة منهم عندما يرفضون وأصبحت و رفاقي "يوميا "نسهر و نلعب "الشدة"و الخ.ونعود لمنازلنا ساعة الفجر.وكنا قد عينا لنا رئيسا للملحق الذي نسهر فيه كي يقدم لنا المأكولات و المشروبات .وفي ليلة"لا أعادها الله من ليلة"و في تلك الليلة بالذات من دون الليالي نبهني أبي أن لا أزيد السهر عن الساعة11 ووافقت ووعدته خيراً.و في الليل عندما ذهبت ولعبت مع رفاقي و عندما دقت الساعة11 تنبهت إلى ضرورة الرجوع إلى المنزل"كما قال أبي"ولكن استوقفني و رفاقي "رئيس الملحق" بل الشيطان الرجيم وقال"يا شيخ اقعدوا نص ساعة"و في البداية لم أوافق وبين سخرية رفاقي مني وإصرار الرئيس "جلست نصف ساعة" أتدرون ماذا كان ثمن النصف ساعة تلك لقد كان ثمن عمري و عمر أمي و أبي و أخواني جميعاً.وبعدما جلست تبرع رئيس الملحق بإعداد إبريق من الشاي و شربناه أنا و رفاقي في البداية كنا نتحدث بكل ما تعنيه البراءة من طهر لكن بعدها بدقيقة بدأنا نسعل و نتقيأ ثم ذهبنا إلى بيوتنا وفي الليلة التالية عدت و رفاقي إلى رئيس الملحق نسأله عن شيء وضعه لنا في الشاي و نريد منه علكم عرفتم ما هي إنها السم الأبيض "المخدرات"في البداية رفض إعطاءنا صاحب الملحق منها و بعد إصرارنا قال إنه لن يعطينا منها شيئا إلا بنقود و فعلا تم له ما أراد صرنا نسرق من جيوب آبائنا ونعطيه له مقابل أن يعطي كل واحد منا مؤنة تكفيه لشهر و بعد أن تنفذ نعود له فيبتاعنا من جديد.ومرة و ما أسوأها من مرة ولا أعادها الله من مرة نفذت من عندي "المخدرات" و النقود في ساعة واحدة و كذلك رفاقي.فذهبنا إليه و طلبنا منه لكنه لم يرض إلا بشرط أتدرون ما هو الشرط "لعنه الله و فقأعيونه يا رب لا تقبل توبته يا رب غذبه عني و عن رفاقي جميعا و عن أختي جميعا"أتدرون ما كان شرطه"جعله الله في صف هامان و فرعون" اعذروني لا أستطيع أن أواصل .لقد كان شرطه اختي "سارة" يريد أن يزني بها نعم يريد ذلك فرفضت و تشاجرت معه و تخاصمنا لأيام و لكن تحت شدة رغبتي للمخدرات اضطررت للرجوع إليه و أخبرته أنني موافق ولكن كيف أخبرها "أأقول لها رفبقي يريدك" فقال لي صاحب الملحق"هذي بسيطة تحط لها المخدرات في كاسة شاي مثلكم" ووافقت و عدت إلى المنزل في الظهيرة فوجدت أختي "سارة"في غرفتها فصعدت إليها و تذرعت بأنني أريد أن أكلمها في موضوع لكن قبل أن نبدأ بالموضوع طلبت منها إعداد كوبي شاي لي و لها قطع علينا الحديث دخول أمي و" ياليتها لم تدخل بل ياليتها ماتت قبل أن تدخل" كي لا أضع المخدرات في كأس أختي وطلبت مني الذهاب إلى السوق فأجبتها بنعم وكنت لا أدري ما أفعل باختي التي كنت أجرجرها بالحديث حتى بدأت تغيب عن الوعي و وسوس السيطان لي بأنني سأنكشف فتركت البيت و بدلا من الذهاب إلى السوق ذهبت إلى رفاقي و أخبرتهم أنني وضعت لها "المخدرات"في الكأس و قالوا لي"ممتاز, لا يفعلها إلا بطل".و في الليل عندما عدت إلى البيت وجدت أختي "سارة"في غرفتي بانتظاري تسألني عن شيء وضعته لها بالشاي أعجبها و تريد منه. فقلت لها يا "سارة"الذي عنده المخدرات لا يريد النقود بل يريدك أنت و على الفور تحت تأثير المخدرات قالت موافقة.و فعلا ليلاً خططت أنا و أختي "سارة"للهروب من المنزل وأخذت أختي "سارة عند صاحبي فقضى حاجته بها و تداولها أصحابي.و طلب مني "صاحب الملحق" الذهاب ل"مشوار"مدة ساعتين عند صاحب له ريثما يفعل ما يشاء بأختي و أنا مثل الحقير ذهبت إلى حيث طلب.وعندما عدت إلى الملحق أخذت أختي إلى البيت و نبهتها أن هذه آخر مرة تفعل هذا الشيء,وإذا بهذا النجس"صاحب الملحق "قد أعطى أختي مواعيد و أرقام إذا احتاجته فالأمر لن يحتاج وجودي.ومرة و ما أحقرها من مرة لا أعادها الله من مرة في كل حياتي المشؤومة ذهبت إلى صديق قريب لي فكاد يغمى علي من هول الفاجأة لقد وجدت أختي عنده و بين أحضانه و أحضان أصحابه فانفجرت من الزعل"فقالت لي سارة أنت ما يضرك إنها حياتي و أنا حرة".وفي صباح أحد الأيام اتصلت إحدى جهات الأمن بأبي في العمل تخبره بنبأ وفاة أختي"سارة" برفقة شاب في حالة سكر خارج المدينة وقد حدثت لهما جروح بليغة و توفيا الاثنين على الفور و كانت تلك الطامة الكبرى التي مات أبي بعدها بثلاثة أيام و أمي فقدت نطقها .يالها من نهاية يا "سارة" لم تكتبيها و لم تختاريها ينطق الحجر ويبكي الشجر عليك يا سارة و أنا لم أستطع أن أتمالك أعصابي من الأخبار التي كنت أسمعها عن أختي في الحي:"سارة الطاهرة أصبحت داعرة ,سارة العفيفة أصبحت مومس,سارة الحنونة أصبحت زانية "و بعدها قررت التوبة و الذهاب إلى احد الدول الأوروبية للعلاج و حين سألوني أدعيت أنها كانت في أسفاري من أحد العصابات . و عندما عدت و جدت عائلتي تقتات على ما يقدمه لها الناس و يسكنون الحصير.و كاما ذكرت لهم أختي سارة سبوها و لعنوها و قلبي يتقطع عليها فهم لا يعرفون أنني من فعل بها ذلك و الجرح لم يندمل بع و الله لولا الحيا و سكب ماء الوجه لأعطيتكم طريقة الاتصال بي كي تعرفوا أن الدنيا فيها قصص لا تخطر على قلب البشر ولكن خلق الإنسان عجولاً.والسلام.
قصة و عاشها طالب غفران ربه لأخته
الموضوع الاصلي
من روعة الكون