حياة شاعر الإنسانية مع القصائد , حياة حافلة بجمال الكلمة , وقوة المعنى , ووصول إلى الهدف المنشود بطريقة ذكية ..
حكايته مع الحروف حكاية ببياض الطهر ,, تلك الحروف التي تنتقل من همسة قلمه إلى عيون وأسماع الذواقة ,, تلك العيون التي تقرأ بتمعن وتلك الأسماع التي تنصت باهتمام شديد لذاك الصوت الخلاب وتلك الحروف الندية المتساقطة على فم الأزهار ..
ولأنه شاعر كتب في كل الفئات ,, فهو بلا شك أبقى مساحة كبيرة لتلك الأنثى ,, يبرها ,,ينصفها ,, يعاتبها ,, يسامحها ,, ينتقدها ,, يحذر منها .. يشكو من خيانتها ..
عندما يكتب بن مساعد عن الأنثى تجدها تنتشي فرحاً وطرباً ,, ترى أنه الأصدق بحبها الأصدق بوصفها , الأصدق باحترامها ,, وأيضاً الأصدق بوصف عيوبها ..
عندما يختصر الابن المحب لأمه بعض من كلمات عن الغلا والمحبة ,, ويكتبها في سطور قليلة العدد كبيرة جدا في المعنى ,, الغلا عند بن مساعد غير ,,
خصوصاً إن كانت هذه الغالية هي أمه ,, يرد على أسئلتنا بتوجيا لأجزاء كثيرة في جسمه حتى نجد الإجابة الصادقة والتي بالطبع ليست فقط كلام على ورق بل أن حبها مطبوع بكل جزء من جسمه ,, يكون سؤالنا لدمعه لدمه لسعادته لهمه باختصار كلها تنبض بحب وغلا أمه .. تلك التي ما توفق إلا بفضل دعاءها ,, وما حمل من صفات حميدة فما هي إلا نتاج تربيتها بالفعل هي أم عظيمة .
اسألوا دمي .. وسعادتي وهمي
اسألوا التوفيق ..
والكدر والضيق
اسألوا الطيب في صفاتي ..
والدعاء اللي في صلاتي
واسألوا شهودي ..
الدموع اللي في سجودي
اسألوهم .. واسألوا دمي ..
عن غلا أمي
الطهر العفيف ,, النصف الآخر ,, قلة من الرجال من يعطي نصفه الآخر بعض من كلمات قبل السفر ,, الأغلبية متعجلون الكل يريد اللحاق بسلم الطائرة ولا وقت لديه لتلك التي تودعه ,, تودعه وهي تحس بأن قلبها سيسافر معه ,, تنتظر منه الوداع الصادق فيودعها بكلمتين على أمل اللقاء ,, لكن شاعرنا بقصيدة "فمان اللي" حرك في قلب كل أنثى مشاعر جميلة ,, كُتبت في دفاترها ,, أرضت غرورها ,, باختصار كل أنثى أحبت فمان الله لحبها للكلمة الصادقة والاهتمام الغير مزيف بمشاعرها وأنها ليست مجرد زوجة تهيئ حقيبة سفر زوجها عندما يسافر ,, وتفرغها عندما يصل ..
الخطأ موجود في كل البشر وقليل من يعترف بخطئه ,, والقليلون فقط هم من يحاولون تضميد جراح المحبوب ,, "نعم أخطيت ما أنكر" والأنثى التي تحب لا تبغض أبداً ,, فالحب يتغلل في عاطفتها ,, وإن وجدت خيانة من المحبوب فإنها تنجرح في عاطفتها ,, ولا تشفى هذه الجراح إلا بمن كان هو الداء ,, هوه داءها ودواءها جرحها وجراحها ,, وطبيب يداوي قلبها المجروح .. هو من يتلمس أحاسيسها فيسألها بتحنان :
أنا مدري وش إحساسك
ومدري وش تظنيني
أنا الصادق في عينك كنت
و صرت الكاذب الخوّان
أنا أخطيت ما أنكر ولا فيه عذر يكفيني
سِـوى أني أحبك حيل وأني دايما ً إنسان ...
هنا تهدأ ثورة غضبها ,, ويعمل عقلها الذي كان مغيب في لحظات الغضب الجامح ,, تسترجع ذاكرتها وتحاول أن تبقي على الصورة الجميلة ولكن لا تستطيع .. ثم يقرأ ما في عيونها من ألم ويترجم ألمها ..
ما أجمل أن يتلمس الرجل معاناة المرأة ,, يعرف بمدى قوة جرحها ,, عندها فقط ستسامح ,, كلمات لها تأثيرها على كل أنثى ,, اعتراف بحبها وبأنها الوحيدة المتربعة على عرش قلبه ,,
يااااه ما أجملها كلمة آسف ,, إذا صح أن للأسف جمال فهذه الكلمات من بعض ولائد الجمال التي تخلب اللب بسحرها ,,
هل قال لك أحد أنك مذهلة ؟؟
عفواً أيتها الأنثى أنتِ مذهلة ,, قالها بن مساعد ,, عندما كتب شاعر الإنسانية مذهلة ,, لم يكن يتوقع أن كل أنثى توقعت أنها كُتبت لها وحدها ,, مذهلة أذهلت الجميع ,,
مُذهلة .. !
ما هي بس قصة حسن ...
رغم إن الحسن فيها بحد ذاته .. مشكلة
مُذهلة ..
كل شي فيها طبيعي .. ومو طبيعي
أجمل من الأخيلة
طيبها .. قسوة جفاها ..
ضحكها .. هيبة بكاها ..
روحها .. حدة ذكاها ..
تملأك بالأسئلة ..
مُذهلة ..
عندما يكون التركيز على المرأة في جانب واحد فقط فإنها تصبح كالصورة بلا روح ,, لكن من يشغل نفسه بالأسئلة عن ماهيتها هو بالفعل إنسان يهتم لأمرها ..
هم كتبوا لجمال شكلك , لطولك ودقة خصرك ,, لشعرك لعيونك ,, هو كتب لإنسانيتك ,, لأبعد حدود أحاسيسك ,, خاطب المشاعر الخفية فيك .
تكلم عن لحظات الطيب فيك ,, عن الجفاء ,, الضحك ,, البكاء ,, الروح وليس الجسد ,, وصل إلى أبعد من ذلك ,, أعترف بذكائك ,, ووصفه بالمذهل مع أن الأغلبية تنتقص من عقلية المرأة وتستبدل كلمة ذكاء بمكر ..
كان هالليلة بهاكِ ما هو عادي
كنتِ أنتِ
وأنتِ لمّا تكوني أنتِ
ما هو عادي
كنتِ إعجاز وسحر
كنتِ دنيا من طهر
كان نورك في جبين الكون بادي
كان في صمتك طرب
كان في عيونك شغب
قليل هم من يعطي الأنثى حقها في الحضور ,, قليل من يحسسها بإنسانيتها ,, كثير من كتبوا عنها قليل من عبروا عن ما في دواخلها ,, تعشق الإطراء ,, تطرب نفسها بسماع الجميل ,, الذي عاشته لوحدها بهذه الكلمات لها وحدها لا تشاركها غيرها ,, تغنى بصمتها فكان كالطرب اللذيذ ,, تغنى بعيونها .. بحسنها فكانت الأجمل في الحضور ,, والأعدل في الغرور ,, كان كالمهاجر وهي بلده فأي أحساس تريده الأنثى أكثر من ذلك .. يخاف من باكر لفقدها فــ هو بلا هي لا شيء ..
دخون أنتِ أنفاسك دخون
لا تتوانى الأنثى عن تغيير شكلها بين الحين والآخر ,, وهاجسها الوحيد هو إعجاب الطرف الآخر بها ,, وخوفها من فقدانه ,, هاجسها الوحيد أن تكون الأجمل , تضع المكياج تتعطر بالعطور ,, تقف وراء الباب تنتظر هذا الحبيب القادم لتنتظر إطراءه ,, هل فستانها يعجبه تسريحة شعرها رائحة عطرها ولكن تتفاجأ بالتجاهل التام ,, هنا يأتي نبض شاعرنا لكل أنثى ::
هو فيه مثلك .. ياللي الحسن ظلك
ليه العطر ؟!
وأنتِ أنفاسك دخون
وليه الكحل
وأنت ما غيرك عيون
وليه تفكيرك يكون
أنك تكون دايم أجمل
أنتِ أجمل
من جمالك
من دلالك
من خيالك
ياللي كل أفراح قلبي والحزن
في المسافة بين فرقاك ووصالك
من يستطيع أن يكتب مثل هذه المشاعر ,, في زمن بخيل المشاعر والشعور ,, في زمن يهتم بالظاهر ,, ويترك الجوهر والمكنون .. أرضيت غرور الأنثى شاعرنا وجعلتها تشعر بأنها تحتل الأماكن العالية في نفسك قبل أن تترجم شعراً على ورق ..
للخيانة طعم مر ,, وواقع أمر على نفس المطعون ,, عندما نحتفظ بهذا الحبيب داخل برواز الحياة وفي ضمن إطار الصورة ,, ثم نكتشف فجأة أنه كان بجسده وأن روحه خاينه عندها فقط نكسر البرواز لنطلق هذا الجسد الحبيس فتلحق الصورة بصاحبها ويبقى البرواز والذكرى ,,
أتعبتِ الصورة مشاوير
وتعبت أنا بـ ألقى لغدرك معاذير
وصورتك اللي سجنت بروازها طول السنين ..
كانت جسد وبروازها الروح
ويوم أنزعت منها الجسد .. تجرّحت أطرافها
وبجروحها راحت لمين ؟
لبروازها الثاني !!
مسكين .. بيسجنك ويبقى سجين
مسكين
تشبهلك أقداره .. خانته
وصورتك يجي يوم وتخونه
حبيبتي ..أو للأسف حبيبته
لاصرتِ الصورة .. وجفونه البرواز
وشلون ينسى ؟!
النفس الخائنة الغادرة كالصحراء القاحلة التي تبلورت فيها الرمال لتشكل حبات من الظمأ فهي لا تروى مهما شربت من سحائب المطر إلا أنها لا تنبت عشباً ولا زهراً , لا تلبث على حالها متحركة بكل اتجاهات الريح .
مازال للأنثى بقية في شعر شاعرنا , ومازال للجمال بقية فما يدرينا ألا يكون للجمال حس وحياة ,, يتذوق مثلنا من شعر الجمال , يحب ويكره ,, ونحن هنا أمام شعور مختلف يتنوع على مقدار مافي الطبيعة أنواع فيكون خصباً تارة ويكون جافاً تارة ,, يكون بهجة ويكون روعة ,, يكون إحساس لا تنهض به الكلمات .. ويظل من وراء هذا كله أخلب الجمال .. الذي يضيف طابع الجمال والبراءة ويعطي درساً جديدا في عشق الزهور .. فكأنه يقول "ما يسحرنا في الزهر ليس هو هذا الجمال الساذج من العبير والصفاء والأضواء بل هو ذلك الشوك الملتف وهو ليس من طبيعة الزهر" ,, إنه بشعره نقل جمال الزهرة من بساطة في اللون إلى تعقيد ,, ومن وضوح إلى غموض , كتب التساؤلات والإجابات وبثها في خواطر ومشاعر .. يضع الزهرة بنداها وبأشواكها أمام القارئ وكانه يقول هذه هي الأنثى ,, لين وقساوة , تجهم وسماحه ,, حب وبغض ,, غدر ووفاء ,,
بالنهاية هي إنسانة إن شئت أمسكت بالوردة من أشواكها فتجرحك وتتألم , أو إن شئت تركتها مكانها وأسقيتها من نبض تحنانك , فتنمو وتعطر حديقة قلبك أقبلها كما هي ,, وأحسن لها ..
الكلام يطول والعبارات تختفي بين السطور ,, فالإبداع في قصائد شاعرنا لا نفيها الكلمات ,,
((يتبع ))