استثمارات المتقاعدات بين الافلاس ومتعة الربح ..
مستحقات التقاعد ورقة اللعب الأخيرة على طاولة المتقاعدين
غالبية المتقاعدات فقدن أموالهن في سوق الأسهم
تحقيق - هيفاء الهلالي:
يرى بعض المتقاعدين والمتقاعدات أن مستحقات التقاعد فرصة لبداية الاستثمار ومنهم من يخسرونها في غضون ايام معدودة بسبب قلة الوعي وعدم دراسة المشاريع الاستثمارية فكم من متقاعد ومتقاعدة ذهبت سوق الأسهم بمستحقاتهم وآخرون وقعوا في شراك تمويلات البنوك وفئة ثالثة حاولت الاستفادة من خبراتها الإدارية دون مساندة من أحد فعاشت دوامة الخسائر المتتابعة.
أما الرابح منهم فيرى أن حس الغامرة وهواية التجارة ليست معيارا للنجاح وإنما دراسة المشروع والاستعانة بذوي الخبرة بعد الله.
"الرياض" حاولت استطلاع آراء بعض السيدات المتقاعدات حول هذه الظاهرة وكانت هذه اللقاءات:
الاستثمار البنكي
في البداية تثير عزيزة قابل نقطة عدم اكتفاء المتقاعدين بمبالغ الاستحقاقات التي تخضع لطبيعة وظيفة الخدمة ويضطرون للاقتراض من البنك تحت تأثير الإغراءات البنكية فتقول "إن عروض البنوك مغرية جدا حتى بعد هبوط الأسهم، فلا زالت فرص التمويل موجودة وهناك سيدات ما أن أخذن التقاعد حتى بدأت لديهن حركة غير عادية في ارتياد البنك من أجل تمويل مشاريع للأسف غير مدروسة، ولا تتناسب مع حجم الراتب بعد التقاعد ودون الأخذ بعين الاعتبار أن التقاعد ليس الاستغناء عن معطيات الحياة الترفيهية فيكون هناك سوء تخطيط بين الاستثمار البنكي وميزانية الأسرة وعدد أفرادها وأعمارهم ومتطلباتهم فيكون التمويل بمثابة جبل أمام طريقهم في بداية التقاعد، كما أن الكثيرين يقترضون ليضعوا المبلغ في مشاريع شبه خاسرة مما يزيد حجم المصيبة من جهة استقطاع البنك من الراتب والعيش الضيق ضمن ميزانية ضعيفة، فالركض لتحقيق الأهداف بسرعة فائقة ودون دراسة يجعلهم يقعون في هاوية نفسية كبيرة في الموازنة بين طموحاتهم ومعطيات الحياة اليومية وقد تنتهي تلك المشاريع بضرر مدمر لإنسان قد لا تتحمل صحته أو سنه لمواجهة ذلك.
حس المغامرة
وتضيف زينة عسيري حول أن المتقاعد قد يكون فرصة لغيره لتحقيق الأحلام من خلال مستحقاته التقاعدية فتقول "أنا معلمة تقاعدت قبل ثلاث سنوات وكان المبلغ الذي استلمته آنذاك جيدا ولم أكن أنو استثماره ولكن أمام إلحاح ابني في فتح مشروع خصوصا أنه حصل على شهادة الثانوية منذ سنوات ولم يستطع دخول الجامعة، فلم يكن مني إلا وأن تناقشت الأمر معه وأمام الإلحاح وافقت على افتتاح ورشة سيارات واستقدمت عمالا ووضعت الكرة في ملعب ابني الذي وللأسف كان لعبة بين أيدي العمال وكان يصر بأن آراءهم صحيحة وكنت أمول المشروع مع العلم أنه قد تعهد لي بأن المبلغ المطلوب في المشروع هو آخر ما يطلبه مني ، انه يريد فقط فرصته، واضطررت أمام طلبات العمال إلى الدخول بجزء من راتبي في "جمعية" مع زميلاتي في العمل السابق وعموما فشل المشروع وأغلقت الورشة لأنه لا يوجد دخل بل مصروفات وإيجار المحل بحد ذاته كارثة وطار مبلغ التقاعد، فالمفروض أن يحتفظ كل متقاعد بمدخراته للزمن ولا يدخل في متاهات أحلام الشباب التي تنقصها الخبرة والحنكة، وضاعت المستحقات تحت وطأة حس المغامرة والتجربة غير المدروسة التي خضتها بدافع الحنان على شاب لا يجيد فهم المشاريع وهذا الأمر تكرر مع الكثير ولدي صديقات دخلن الأسهم بمستحقات التقاعد وطارت الطيور بأرزاقها وتمنين لو لم يستلمن تلك المستحقات لكي لا يشعرن بتلك الحسرة والندم.
الوظيفة السابقة
أما زبيدة القرشي معلمة خياطة متقاعدة استثمرت مبلغ التقاعد في فتح مشغل خياطة نسائي تقول عن تجربتها "هناك مثل أؤمن به وهو أعطي الخبز لخبازه حتى لو أكل نصفه، وأنا الشيء الوحيد الذي أفهم فيه الخياطة، وعندما تقاعدت استخدمت مبلغ التقاعد في فتح مشغل نسائي أشرف عليه بنفسي وبدأته صغيرا وفي منطقة شعبية إلا أني أعرف حجم الدخل الذي سأربحه وبفضل الله بدأ المشغل يكبر وتكثر الزبونات ويعرف بين النساء عندها قررت توسعة المشروع فلم أقفل ذلك المشغل بل فتحت آخر وألزمت إحدى بناتي بالجلوس فيه وخصصت لها راتباً لكي لا يكون ذهابها للمحل حسب المزاج ولكي لا أترك الحبل على الغارب ، فأنا مع مبدأ التجربة في العمل والخوض في مشروع مفهوم وضد كل من تدخل مجال لا تفهمه لأن الفهم يسهل عملية المتابعة وتدارك الأخطاء إن وجدت والربح جيد والحمد لله.
استثمار الهواية
نوير الحارثي معلمة متقاعدة تمارس هواية الرسم وتعتبرها من أهم اهتماماتها في الحياة تحكي عن توجا باستثمار مستحقات التقاعد في استثمار تلك الهواية فتقول "كنت ولازالت أعشق الرسم منذ طفولتي وعلى الرغم من عرقلة الظروف للدخول في هذا المجال أثناء الدراسة الجامعية لعدم توفر القسم في نفس المدينة التي أعيش فيها لذلك التحقت بقسم آخر وشغف الرسم يلاحقني فكنت أرسم للمدرسة على لوحات خشبية وعلى الجدران وكنت مسئولة التنسيق والنشاط ووفرت الكثير من المصروفات لإدارة المدرسة وبعد التقاعد فكرت في فتح محل للرسم من مستحقات التقاعد وكانت رغبتي في النجاح تفوق عامل السن واستقدمت أحد العمال في المحل وكنت أنا التي تقوم برسم كل اللوحات وأضع لها تسعيرة خاصة وكنت أتعامل مع مدارس فأخرج بنفسي مع خادماتي لمساعدتي وأرسم على الجدران والأبواب وأصنع الأعمال الفنية التشكيلية بالإضافة إلى فهمي بأسعار الألوان وخلفيات تمازج الألوان وأنواعها والألواح الخشب وطريقة قصها وصنفرتها وكل ما يلزم لإنجاح المشروع ولم يستطع العامل أن يغشني أو يخدعني فكانت كل تفاصيل المحل عندي والاتفاقات معي عبر العامل وحتى ذلك العامل الذي استقدمته لا يمت لمهنة الرسم بصلة لكي لا يستثمر المحل لصالحه وفعلا نجحت لأنني استثمرت نفسي ومالي الاستثمار الصحيح.
تناقض الخبرة
وتحكي هند مقصود عن تجربة زوجها في مجال استثمار مبلغ التقاعد في مجال لم يتعامل معه من قبل فتقول "من الجيد أن فهم العمل الذي نود الاستثمار فيه واليك تجربة زوجي الذي كان يعمل في قسم التموين بأحد المستشفيات وبعد التقاعد أستلم مبلغاً بسيطاً وأستلف مبلغ من المال من أخيه واقترحت عليه أن يستثمر في المواد الغذائية كون أنه كان له صلة بهذا المجال ولكنه رفض اقتراحي ودخل مشروع مع أخيه بالانضمام إلى أحد المستثمرين في بطاقات سوا حيث فرح بالعائد الشهري الخيالي لمدة خمس شهور ثم سجن المستثمر وطار المال والاستثمار، وهو حاليا توجه إلى مساعدة أخيه في إحدى المزارع الخاصة به لكي يسدد له الدين عدا راتبي الذي استقطعت منه مبلغ 3آلاف ريال لدفع ديون أخيه التي تبلغ 250ألف ريال بعد أن دخل العناية الفائقة وأوشك على الموت من شدة القهر والتعب، فلو كان أستثمر في أمر يعرفه ومشروع أقرب لأن يكون مضموناً لما وصلنا إلى هذه الحالة الصعبة.
إهمال المتابعة
لا ينفع أن يستثمر المتقاعد مبلغاً من المال وينام بعد وضعه في أيدي العمالة وتواصل حمدة الغامدي "فللأسف زوجي أخذ التقاعد قبل أوانه فهو ليس كبيراً في السن وأمامه سبع سنوات قبل التقاعد ولكنه كان يكره نظام الدوام والاستيقاظ مبكرا فما أن حصل على التقاعد إلا وأستثمر المبلغ في محل خردوات وعين ثلاث عمال لكبر المحل الذي يقع في منطقة حيوية، وللأسف أستغل العمال لامبالاته وسرقوه فكان يثق فيهم ثقة عمياء وأستحقر البضاعة ورخصها ولا يعلم بأن تلك العمالة لا توفر شيئاً وفعلا بدأ العمال بالتمرد وافتعال المشاكل معه ثم تركوا المحل مفلسا والغريب أنه بعد فترة شاهد أحدهم يعمل في محل خردوات وأكتشف أن المحل له وباسم سعودي، ولا أنكر حجم المعاناة التي عاشها زوجي بسبب إهماله بالإضافة إلى شعوره بالاستغفال، فلا ينفع أن نضع كما يقال (تحويشة العمر) بين أيدي الغرباء دون متابعة.
|