في البداية على الأهل التخلي عن المكافآت السلبية في حال ارتكاب أولادهم لبعض الأخطاء التي لاتسيء الى الغير ولاتدل على نفسية مريضة,كل مايجب عمله هو الامتناع عن إعطاء أي مكافاة إيجابية,لأن المكافأة السلبية كما بينا تزيد من تعنت وتصلب الأولاد.مثال ذلك:لنضع حيواناً أليفاً في قفص من حديد,ولندربه على أن يضغط على آلة معينة داخل القفص,حتى يحصل على غذائه اليومي..بعد فترة من الزمن أردنا ردعه عن الضغط على هذه الآلة,فلجأنا الى استعمال مبدأ المكافأة السلبية عن طريق القصاص الشديد بواسطة إرسال التيار الكهربائي في كل مرة يحاول الحيوان فيها أن يضغط على الآلة,فلن تنجح هذه الوسيلة في تحقيق المطلوب.لأن هذا قد يردع الحيوان لفترة وجيزة من الزمن,لكنه سيعود لاحقاً الى محاولة الضغط على الآلة للحصول على الطعام.
ماالعمل إذاً لمنعه نهائياً عن لمس الآلة؟
الجواب سهل جداً,وذلك عن طريق حجب مكافأة الطعام.في البداية سوف يضغط على الآلة تكراراً ولن يحصل على مايتوقعه من طعام,لذلك سوف يتوقف عن المحاولة نهائياً في حال اقتناعه بعدم جدوى هذه الوسيلة لتحصيل الغذاء المناسب.مثال آخر: أم لأربعة أولاد,جائت تشتكي ولدها الذي يبلغ التاسعة من عمره لأنه أشقى إخوته ولأنها لاتجد الوسيلة الناحجة لرده عن تصرفاته ولإعادته الى الطريق الصحيح,حتى إنه قد أصبح من الصعب جداً تحمل وضعه الشاذ وتصرفاته السيئة.تقول الأم: أنه يأكل بشكل طبيعي,ويعمل على قرقعة الصحون والملاعق,ولايكتفي بذلك بل إنه يعمل على ضرب إخوته,وعلى الإساءة لي شخصياً,فأنا لاأستطيع تحمه بعد اليوم.هنا اقترحت على الأم أن تتغاضى عن تصرفاته السلبية خلال فترة الطعام وبعدها,وأن تتمالك أعصابها ولاتبالي بمايمكن أن يقدم عليه ولدها من تصرفات وصرعات شاذة,فقبلت الأم.عندما حان وقت الطعام جلس الجميع حول المائدة,وأخذ الولد الشقي يقرقع كماته,ويأتي بحركات غير مألوفة لإغاظة والدته,لكنه تعجب أن والدته لم تلتفت نحوه,ولم توجه له أية ملاحظة,ولم تظهر علامات الغضب على وجا,عندها التفت الى والدته وسألها: لماذا لاتتكلمين ياأماه؟أجابت :لاأرغب في ذلك ياولدي.حاول إعادة تصرفاته السيئة خلال فترات الطعام وخارجها فيما بعد!لكن صمود الأم وتمالكها لأعصابها ساعدها على النجاح في عدم إيلاء أي أهتمام لما يقوم به ولدها من سلبيات.بعد مرور فترة وجيزة من الزمن لاحظت الأم مندهشة أن ولدها قد توقف نهائياً عن القرقعة,وعن مضايقة إخوته وعن الإساءة إليها,حتى أصبح كسائر أفراد العائلة.
أن هذا الأسلوب في المعاملة ناجح جداً,وهو كفيل بردع الأولاد عن أكثر التصرفات السلية التي تصدر عنهم.
من جهة ثانية,قد يبدأ بعض الأولاد منذ الرابعة من عمرهم بالتلفظ بكلمات بذيئة وغير لائقة نتيجة احتكاكهم بغيرهم من أولاد المدرسة أو الشارع,هنا يتوجب على الوالدين عدم اللجوء الى استعمال القصاص الشديد في حقهم,بل محاولة تجاهل ما يتلفظ به الأولاد,مما يدفعهم الى التخلي عن هذه الألفاظ تدريجياً وكلياً.أما القصاص الذي يمكن اعتماده من قبل الأهل فهو احتجاز الولد في غرفته لفترة معينة ومحدودة من الزمن.مثال ذلك :إذا حدث أن ولدك ضرب أخيه الأصغر,هنا يمكنك التدخل وشرح أن مافعله غير مقبول.وبأنه سوف يعاقب على مافعله عن طريق حجزه في غرفته لمدة خمسة أوعشرة دقائق فقط.
هذا الأسلوب ناجح أيضاً ويمكنه أن يعيد الأولاد الى رشدهم,وهو بطبيعته غير مخالف للقوانين المنزلية.
كما أن هذا من القصاص لايعتبر نوعاً من المكافأو السلبية بل محاولة صريخة تدفع الاولاد الى إعادة النظر فيما ارتكبوه من أخطاء خلال فترة عزلتهم الوجيزة.اللجوء الى استعمال هذه الوسيلة يجب أن يتم بشكل هادىء.دون أن يشعر الولد بأنها نوع من أنواع القصاص الموجه ضده,لأن هذا الشعور قد يزيد عصبية وحقداً ممايعرقل نجاح عملية الإصلاح.
بعد مضي فترة الاحتجاز الوجيزة,يجب على الأهل إطلاق سراح ولدهم دون إبداء أية ملاحظة له,وكأن شيئاً لم يكن,وكثيراً ماتساعد هذه الوسيلة الأولاد على التخلي عن كل ماهو شاذ ومضر لمصلحة العائلة الواحدة.وسيلة الإبعاد هذه,تمنع الأهل من التدخل دائماً بين الاخوة لحل أكثر المشاكل العالقة,فبدلاً من أن يبدأ الأهل بالاستماع الى كل ولد من الأولاد لكشف أسباب المشكلة,وبدلاً من أن يلعب الأهل دور القاضي,عليهم فصل الأولاد لفترة وجيزة من الزمن كل في غرفته.وإذا ماأدعى أحدهم بأنه غير مذنب,علينا أن نجيبه,بأن هذه العملية ليست قصاصاً لأحد,بل هي ضرورية لتعذر تفاهم الأولاد بعضهم مع بعض.
من جهة ثانية,إن عملية الإبعاد هذه قد تحد من المناقشات الغير المجدية والطويلة التي يمكن ان تحصل بين الوالدين من جراء تشاجر الأولاد,ولايجب أن نلجأ الى استعمال طريقة الإبعاد إلا مع الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين الثالثة والثانية عشرة.ويفضل البدء بهذه الطريقة مبكراً,حتى إن بعض الأولاد قد يطلب من أهله أن يبعدوه لفترة من الزمن.لأنه يعلم بأن هذه العزلة الوجيزة قد تعود بالنفع عليه وعلى سائر أفراد العائلة.في حال حصول أي اصطدام بين الأهل والأولاد من جراء ضعف شخصية الوالدين,أو تعنت الأولاد وتمنعهم من تنفيذ أوامر الأهل بحجزهم في غرف مستقلة:
على الأهل اللجوء الى استعمال وسيلة مضادة,عن طريق اعتزال الأهل في غرفة بعيدة عن الأولاد في حال ارتكابهم لأي خطأ,مما يشعر الأولاد بفداحة الذنب الذي ارتكبوه,وقد يدفعهم هذا الشعور الى تحسين معاملاتهم لبعضهم البعض والى تغيير سلوكهم اليومي خوفاً من أن يؤثر ذلك سلبياً على الأهل.هذه الوسائل حديثة,وناجحة تماماً,في حال استعمالها بشكل مدروس ومنظم,وهي كفيلة بإعادة الجو السليم الى المنزل,والى شد روابط الصداقة بين أفراد العائلة الواحدة
الموضوع الاصلي
من روعة الكون