تعود دور الحضانة بالنفع على معظم الأطفال، إلا أنها ليست ضرورية لهم جميعاً إنها تلزم بوجه خاص الطفل الوحيد، ولأولئك الذين لا مجال لهم ليلعبوا ويلهوا مع غيرهم من الأطفال بسبب انعزال أماكن سكنهم أو ضيق مساحتها، أو أولئك الذين لاتجد أمهاتهم من يساعدهن في رعايتهم أثناء وجودهن في العمل، وفي الواقع، لدواع تربوية سليمة ليحتاج كل طفل في سن الثالثة إلى أن يجتمع باقرانه من الأطفال لا ليلهو معهم فحسب، بل كذلك ليتدرب على العيش مع غيره، كذلك يحتاج الطفل إلى فسحة يمرح فيها وإلى أشياء يتسلفها أو يستعملها في التعبير عن أفكاره وإلى ألعاب عديدة يلتهي بها، وإلى اشخاص كبار غير والديه يتعاطى معهم، وقليلون هم الأطفال في أيامنا هذه الذين تتوافر لهم جميع هذه الميزات في أماكن سكنهم، لذا ليس هناك من حل سوى اللجوء إلى دار الحضانة التي يتلخص دورها في توفير هذه الحاجات وتكميل دور المنزل.
تختلف دور الحضانة وتتنوع، فهناك الدور التي يشرف عليها أختصاصيون في تربية الأطفال، وهناك دور أخرى لايعتبر المشرفون عليها أن العناية بالطفل تعني أكثر من تأمين غذائه ونطافته، لذا ينبغي على الأبوين قبل ان يرسلا طفلهما إلى دار الحضانة ان يتأكدا من أنها تخضع لإشراف اختصاصيين في تربية الأطفال، وتضم فسحة كافية للعب والاستراحة في الداخل والخارج، وأنها توفر كافة المعدات والتجهيزات اللازمة لتدريب الأطفال وتسليتهم، وألا يزيد عدد الأطفال في الصف الواحد على عشرة أطفال.
السن المناسبة
إنها سن الثالثة في معظم الحالات، وتظن بعض الأمهات أن كل ما يتعمله الولد في هذه السن هو تمزيق الورق، ويفضلن تأخير دخول أطفالهن إلى دور الحضانة حتى سن الرابعة، حيث يصبح بإمكانهم أن يتلفوا أشياء مفيدة، وهذا تفكير خاطئ لأن التعليم ما هو إلا جزء صغير مما يمكن لدار الحضانة أن تقدمه للأطفال، فالطفل يحتاج في هذه السن إلى شيء أهم من التعليم، وهو معاشرة الأطفال وتعلم تنسيق أفكاره وألعابه. وبقدر ما يتأخر عن ممارسة أوجه النشاط هذه يصعب عليه ممارستها فيما بعد.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك دوراً للحضانة تقبل الأطفال في سن الثانية، ولابأس بذلك إذا كان الطفل ذا نزعة استقلالية وكانت الحضانة متميزة وتدخل الطمأنينة إلى نفسه، إلا أن الكثيرين من الأطفال لايكونون في هذه السن مستعدين استعداداً كافيا لذلك، حيث لايزالوان يعتمدون على أمهاتهم في كل شيء ويهابون الأطفال الآخرين والأشخاص الكبار، وفي الحقيقة، مثل هؤلاء هم بأمس الحاجة إلى دار الحضانة لأنها تتيح لهم فرصة اللهو مع أطفال في مثل سنهم وتقلل من درجة تعلقهم بأمهاتهم.
كما نشير إلى أن بعض الأطفال قد لاتسمح لهم أحوالهم الصحية بالذهاب إلى دار الحضانة في سن مبكرة، ومثل هؤلاء يمكن تأخيرهم، إلا أنه لايجور تأخير الطفل قوي البنية بحجة أنه تكثر إصابته بالزكام بين جدران الحضانة، أو لأن أوجه النشاط فيها ترهقه، فكثرة عدد مرات الإصابة بالزكام لاتؤذي الأطفال من الناحية الصحية، أما مسألة الإصابة بالإرهاق، فيمكنهم التعود عليه بعد بضعه أيام من ترددهم على الحضانة.
الأيام الأولى
يسعد الطفل في سن الرابعة بالذهاب إلى الحضانة، إذا كان ذا نزعة استقلالية، فهو لا يحتاج إلى أي تشجيع، ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى الطفل في سن الثالثة إذا كان مرهف الحس ولازال متعلقاً بأمه، فهو قد لا يبدأ في الصراخ في اللحظة التي تنصرف فيها عنه أمه في اليوم الأول من ذهابه إلى الحضانة إلا أنه قد يفتقدها بعد بر وجيزة، وعندما يتبين له أنها انصرفت عنه يتملكه الرعب ويرفض العودة إلى الحضانه في اليوم التالي، وينبغي في حالة طفل كهذا تدريبه على الذهاب إلى الحضانة بصورة تدريجية، كأن يسمح للأم بأن تبقى إلى جانبه لبعض الوقت في الأيام الأولى على أن تعود إلى المنزل عندما تجده مندمجاً مع رفاقه في اللعب واللهو فتنسحب دون أن يشعر، على أن تقل فترة وجودهما معه يوماً بعد يوم، وهكذا، يتولد لديه شعور بالألفة نحو الحضانة والأطفال الآخرين، وفي بعض الحالات قد تعود للطفل مخاوفه عندما تكف أمه عن ملازمته، وفي مثل هذه الحالات يعود إلى المدرسة أمر تقرير ما إذا كان ينبغي للأم العودة إلى ملازمته لبضعه أيام أخرى أم لا.
ويؤكد الاختصاصيون أنه عندما تلازم الأم طفلها في الحضانة لايجب أن تلتصق به، بل تحاول أن تفسح له المجال كي يشارك الآخرين في نشاطهم ويندمج معهم بحيث لايعود بحاجة إلى وجودها على مقربة منه، ففي بعض الحالات قد يفوق قلق الأم قلق الطفل نفسه عندما تنصرف عنه في الأيام الأولى، فإذا ظهرت عليها أمارات القلق عند انصرافها فإن ذلك يثير مخاوف الطفل فيحاول منعها من الانصراف، الأمهات مرهفات الحس إلى هذا الحد، من الأفضل أن يطلبن من المدرسة أن تساعدهن على حسن التصرف عند الانصراف.
أما إذا كان الطفل يمتنع عن الالتحاق بدار للحضانة تتمتع بجميع المزايا المطلوبة، فإنه ينبغي للأبوين أن يكونا حازمين وأن يفهما طفلهما أن جميع الأطفال يذهبون إلى الحضانة كل يوم، فالحزم يؤدي إلى تحقيق النتيجة المطلوبة مع مرور الزمن، ويستحسن أن يوم الأب بمرافقة الطفل إلى المدرسة في الصباح لفترة بضعة أيام، أما إذا كانت مخاوف الطفل شديدة إلى حد الرعب فإنه ينبغي استشارة طبيب نفساني مختص بشؤون الأطفال.
ردة الفعل في البيت
يصاب بعض الأطفال بالإرهاق خلال الأسابيع الأولى من التحاقهم بدور الحضانة، وهذا لا يعني أن الطفل غير قابل للتكيف مع حياته الجديدة، بل يلزمه بعض الوقت فقط ويستحسن أن تبحث الأم مع المدرسة فيما إذا كان من الأفضل توفيقه بصورة مؤقته عن متابعة الحضور إلى دار الحضانة. ويفضل في بعض الحالات أن يحضر نصف وقت الدوام، على أن يكون حضوره في الساعات الأخيرة وليس في الساعات الأولى، ذلك أن انصرافه في منتصف وقت الدوام يفسد عليه متعته ويثير نقمته. ومما يزيد المشكلة تعقيداً أن بعض الأطفال تتوتر أعصابهم إلى حد الامتناع عن النوم وفت القيلولة، وتتمثل الطريقة المثالية لح لهذه المشكلة في الامتناع عن إرسال الطفل إلأى الحضانة ليوم أو يومين في الأسبوع، وفيما يخص الأطفال الذين يتصرفون تصرفاً حسناً في الحضانة، إلا أنهم يكثرون من إثارة المتاعب في المنزل، فلا حيلة في ذلك إلا أن يتذرع الوالدان بالصبر ويبحثا الأمر مع معلمته ويحاولا أن يكتشفا الأسباب التي تثيره ويجد أ حلولاً لها
الموضوع الاصلي
من روعة الكون