علامات حسن الخاتمة
للشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني
- رحمه الله تعالى -
بشيء من التصرف
قال الله تعالى:{ألم ذلك الكتاب لا ريب، فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب..** وهكذا، فإن من صفات المؤمنين الإيمان بالغيب. هذا الغيب الذي لا نعلم عنه سوى ما علمنا الله تعالى منه. والرسول r وعلى آله وبارك بَيَّنَ لنا أشياءَ من علم الغيب الذي علَّمه إياه الله تعالى. ومن علم الغيب هذا الأمارات الدالة على حسن الخاتمة. ونسأل الله تعالى أن تكون خير أعمالنا خواتمها. ومن هذه العلامات:
1) من قتل في ساحة المعركة:
قال الله تعـالـى فـي سورة آل عمران:
{ و لا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوف عليهم و لا هم يحزنون ** آل عمران 169، 170 .
وقال رسول الله r وعلى آله وبارك في حق هذا الشهيد: "للشهيد عند الله ست خصال: يُغفر له في أول دفعة من دمه. ويُرى مقعدَه من الجنة. ويُجار من عذاب القبر. ويأْمَن الفزع الأكبر. وعليه حِلْية الإيمان. ويُزَوَّج من الحور. ويُشَفَّع في سبعين إنسانا من أقاربه". الترمذي وابن ماجة رحمهما الله تعالى.
2) من كان آخر كلامه " لا إله إلا الله " :
قال رسول الله r وعلى آله وبارك: "من كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنة" رواه الحاكم وغيره رحمهم الله تعالى. ولا يُوَفَّقُ لهذه الكلمة إلا من كان لسانه رطبا بها قبل أن يحضره الموت وأهواله، وكذا من وفقه الله تعالى لذلك فأحبه واختاره.
3) الموت بعرق الجبين :
عن بُريْدةَ بنِ الخطيب رضي الله عنه "أنه كان بخراسان، فعاده خالد وهو مريض. فوجده بالموت وإذا هو بعَرَق جبينِه، فقال: الله أكبر! سمعتُ رسولَ الله r يقول: موتُ المؤمن بعرَق الجبين". رواه أحمد والنسائي رحمها الله تعالى.
4) الموت يوم الجمعة أو ليلتها :
قال رسول الله r: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر" قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح.
5) من مات في سبيل الله :
قال رسول الله r وعلى آله وبارك: "ما تعُدُّون الشهيدَ فيكم؟ قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل! قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قُتِل في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في الطاعون فهو شهيد. ومن مات في البطن فهو شهيد. والغريق شهيد". رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنهم. والبطن هو الإستسقاء وانتفاخ البطن، أو الإسهال أو الذي يشتكي بطنه.
6) من مات بالطاعون :
عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها سألت رسول الله r عن الطاعون فأخبرها نبي الله r وعلى آله وبارك: "إنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء. فجعله رحمة للمؤمنين. فليس من عبد يقع الطاعونُ، فيمكث في بلده صابرا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثلُ أجر الشهيد". رواه البخاري، البيهقي وأحمد رحمهم الله تعالى.
7) و 8) من مات بداء البطن و من مات غريقا :
قال رسول الله r وعلى آله وبارك: "الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغَرَق، وصاحب الهدْم، والشهيد في سبيل الله". رواه الشيخان وغيرهم رحمهم الله تعالى.
9) و 10) و 11) و 12 من مات بذات الجنب و من مات تحت الهدم و من مات في الحرق و المرأة تموت بالنفاس :
قال رسول الله r وعلى آله وبارك: "الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرَق شهيد، وصاحب ذات الجَنْب شهيد، والمبطون شهيد، والحَرَق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجُمْعٍ شهيدةٌ" مالك، النسائي، أبو داود.. رحمهم الله تعالى. بجُمْع: الحمل. أي المرأة تموت بسبب الحمل، أي يقتلها ولدها الذي في بطنها.
و قال رسول الله r وعلى آله وبارك: ".. والمرأة يقتلها ولدها جمعاءَ شهادةٌ [يجرها ولدها بِسَرَره إلى الجنة]". أحمد.. رحمهم الله تعالى. السَّرَر أو السُّرُّ: ما يقطع من بطن المولود عند ولادته.
13) من مات بداء السل :
فعن رسول الله r وعلى آله وبارك: ".. والسِّلُّ شهادة..". الطبراني. وصححه الألباني رحمهما الله تعالى.
.14) من مات دون ماله :
قال رسول الله r وعلى آله وبارك: "من قتل دون ماله فهو شهيد".رواه الشيخان. وفي رواية: "من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد". أحمد، الترمذي.. رحمهم الله تعالى.
جاء رجل إلى رسول الله r وعلى آله وبارك فقال:" يا رسول الله! أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتِله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلتُه؟ قال: هو في النار". رواه مسلم رحمه الله تعالى.
15) و 16) و 17) من مات دون أهله و دينه و دمه :
وقال رسول الله r وعلى آله وبارك: "من قتل دون ماله فهو شهيد. ومن قتل دون أهله فهو شهيد. ومن قتل دون دينه فهو شهيد. ومن قتل دون دمه فهو شهيد". أبو داود، النسائي وأحمد رحمهم الله تعالى.
وقال رسول الله r: "من قتل دون مظلمة فهو شهيد" النسائي وأحمد رحمهما الله تعالى.
18) من مات مرابطا :
قال رسول اللهr وعلى آله وبارك: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأُجْرِيَ عليه رزقه وأُمِنَ الفتان" رواه مسلم رحمه الله تعالى.
19) من مات على عمل صالح :
قال رسول الله r وعلى آله وبارك: "كل ميت يُختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه يُنَمَّى له عمله إلى يوم القيامة، ويأمَن فتنةَ القبر." أبو داود والترمذي، احمد، الحاكم رحمهم الله تعالى.
ـ وعلينا أن لا نفهم الأحاديث السابقة كلَّها خطأ. فقد لا نسمي حقا الذين ماتوا في مثل هذه الحالات شهداء، إلا إذا كانوا من أهل البر والتقوى والأعمال الصالحة. فليس من يغرق في إحدى الشواطئ، غيرَ ساترٍ لعورته، وسط الكاسيات العاريات، المائلات المميلات، ذوات الرؤوس البخت.. وقد لا يصلي، ولا يعرف من الإسلام إلااسمه، ولا من القرآن إلا رسمه.. شهيدا. وليس من يُهدَم عليه مرقص، أو حانة، أو بيت دعارة..
وهو في حالة سكر، ومجون، وحاله لا يعلمها إلا الله تعالى.. شهيدا. وليست التي حبلت من الزنى أو غير الزنى، وحياتها بين المشعوذات والمشعوذين، والخرَّافات والخرَّافين، والعرَّافات والعرَّافين.. شهيدة. وليس من كان يعرف سوى المغنيين والمغنيات، والممثلين والممثلات، والرياضيين والرياضيات، والمتفلسفين والمتفلسفات.. وكان همه تتبع أخبارهم وهمومهم وأوهامهم وفضائحهم أينما حلوا وارتحلوا.. ولم يكن همه معرفة أخبار ولا قصص ولا هموم ولا مقصد الرسل والأنبياء والصحابة والصالحين المصلحين عليهم جميعا صلوات ربي وسلامه.. ليس من كان كذا حاله من هؤلاء الشهداء الذين عناهم الذي لا ينطق عن الهوى، محمد رسول الله عليه وعلى آله صلوات ربي وسلامه وبركاته.
وإنما الشهداء من هؤلاء من مات والله تعالى عنه راض، وهو راض عن ربه، مطيع له تائب إليه، ختم أعماله بالكلمة الطيبة، وبالنية الطيبة، وبالعمل الطيب الذي يرضاه الله تعالى ورسوله القائل: "من قال: "لا إلا الله" ابتغاءَ وجه الله، خُتِمَ له بها دخل الجنة. ومن صام يوما ابتغاء وجه الله خُتم له بها دخل الجنة. ومن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله، خُتم له بها دخل الجنة" رواه أحمد رحمه الله تعالى. فلا تغترنَّ أخي وأختي أن تموتا يوم الجمعة، أو ليلتها، أو غيرهما، فتظنا أنكما ستكونان شهيدين.
هذا وصلي اللهم و سلم على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم و نسأل الله تعالى حسن الخاتمة.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون